وَلَا يُزَادُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْجِرَاحِ شَيْءٌ (وَإِنْ) بَرِئَتْ (بِشَيْنٍ) أَيْ عَلَى قُبْحٍ (فِيهِنَّ) أَيْ الْجِرَاحِ الْمَذْكُورَةِ وَدَفَعَ بِالْمُبَالَغَةِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهَا إذَا بَرِئَتْ بِشَيْنٍ أَنَّهُ يُزَادُ عَلَى مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ وَلَوْ أَنَّهُ بَالَغَ عَلَى نَفْيِ الشَّيْنِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ النَّقْصِ لَصَحَّ أَيْضًا وَشُرِطَ أَخْذُ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ فِي الْجِرَاحَاتِ الْمَذْكُورَةِ (إنْ كُنَّ بِرَأْسٍ، أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى) ، وَهُوَ مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الْأَسْنَانُ الْعُلْيَا، وَهَذَا رَاجِعٌ لِمَا عَدَا الْجَائِفَةَ فَإِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالظَّهْرِ، أَوْ الْبَطْنِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَالضَّمِيرُ فِي كُنَّ رَاجِعٌ لِلْمَجْمُوعِ لَا لِلْجَمِيعِ وَقَوْلُهُ، أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى لَا يَتَأَتَّى فِي الْآمَّةِ؛ لِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالرَّأْسِ، فَهُوَ مِنْ بَابِ صَرْفِ الْكَلَامِ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ (وَالْقِيمَةُ لِلْعَبْدِ كَالدِّيَةِ) لِلْحُرِّ فِيمَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ كَالْمُوضِحَةِ فِي الْحُرِّ فَيُؤْخَذُ مِنْ قِيمَتِهِ بِقَدْرِ مَا يُؤْخَذُ مِنْ دِيَةِ الْحُرِّ فَفِي مُوضِحَتِهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ وَفِي جَائِفَتِهِ، أَوْ آمَّتِهِ ثُلُثُ قِيمَتِهِ، وَهَكَذَا (وَإِلَّا) يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ الْجِرَاحِ الْمَذْكُورَةِ بِرَأْسٍ، أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى بَلْ فِي غَيْرِهِمَا كَيَدٍ، أَوْ رِجْلٍ (فَلَا تَقْدِيرَ) أَيْ فَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الشَّارِعِ، وَإِنَّمَا فِيهِ حُكُومَةٌ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ النِّسْبَةُ (وَتَعَدُّدُ الْوَاجِبِ) ، وَهُوَ الثُّلُثُ (بِجَائِفَةٍ نَفَذَتْ) مِنْ جَانِبٍ لِلْآخَرِ، أَوْ مِنْ الظَّهْرِ لِلْبَطْنِ فَيَكُونُ فِيهَا دِيَةُ جَائِفَتَيْنِ (كَتَعَدُّدِ الْمُوضِحَةِ، وَالْمُنَقِّلَةِ، وَالْآمَّةِ إنْ لَمْ تَتَّصِلْ) بِبَعْضِهَا بَلْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مُنْفَصِلًا عَنْ الْآخَرِ فَيَتَعَدَّدُ الْوَاجِبُ بِتَعَدُّدِ كُلٍّ (وَإِلَّا) بِأَنْ اتَّصَلَ مَا بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ، أَوْ الْمُنَقِّلَتَيْنِ، أَوْ الْآمَّتَيْنِ (فَلَا) يَتَعَدَّدُ الْوَاجِبُ؛ لِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ مُتَّسَعَةٌ إنْ حَصَلَتْ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ (وَإِنْ بِفَوْرٍ فِي ضَرَبَاتٍ) الْأَوْلَى، وَإِنْ بِضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ؛ إذْ الضَّرْبُ لَيْسَ ظَرْفًا لِلْفَوْرِ بَلْ بِالْعَكْسِ فَلَوْ تَعَدَّدَتْ بِضَرَبَاتٍ فِي زَمَنٍ مُتَرَاخٍ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَلَوْ اتَّصَلَتْ (وَالدِّيَةُ) الْكَامِلَةُ كَمَا تَكُونُ فِي النَّفْسِ تَكُونُ فِي ذَهَابِ كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّا يَأْتِي فَتَجِبُ (فِي) ذَهَابِ (الْعَقْلِ، أَوْ السَّمْعِ، أَوْ الْبَصَرِ، أَوْ النُّطْقِ) ، وَهُوَ صَوْتٌ بِحُرُوفٍ (أَوْ الصَّوْتِ) الْخَالِي عَنْ الْحُرُوفِ (أَوْ الذَّوْقِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يُزَادُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْجِرَاحِ، وَإِنْ بَرِئَتْ بِشَيْنٍ) يُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْمُوضِحَةُ فَإِنَّهَا إذَا بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ وَكَانَتْ فِي الْوَجْهِ، أَوْ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ مَعَ دِيَتِهَا حُكُومَةً لِمَا حَصَلَ بِالشَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: لَصَحَّ أَيْضًا) أَيْ، لَكِنَّهُ اعْتَنَى بِالشَّيْنِ فَبَالَغَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ يَقْتَضِي الْمُخَالَفَةَ لِمَا وَرَدَ وَمَا وَرَدَ لَا يُتَوَهَّمُ النَّقْصُ عَنْهُ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ، فَالتَّوَهُّمُ فِيهَا أَكْثَرُ بِدَلِيلِ وُجُودِهِ فِي الْمُوضِحَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْجِرَاحَاتِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ، وَهِيَ الْجَائِفَةُ، وَالْآمَّةُ، وَالدَّامِغَةُ الْمُوضِحَةُ، وَالْمُنَقِّلَةُ.
(قَوْلُهُ: مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الْأَسْنَانُ الْعُلْيَا) أَيْ، وَهُوَ كُرْسِيُّ الْخَدِّ (قَوْلُهُ: لَا يَتَأَتَّى فِي الْآمَّةِ) بَلْ فِي الْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالرَّأْسِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَاشْتِرَاطُهُ فِيهَا لِبَيَانِ الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ بَابِ صَرْفِ الْكَلَامِ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ) أَيْ فَقَوْلُهُ إنْ كُنَّ بِرَأْسٍ رَاجِعٌ لِلْآمَّةِ، وَالْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَقَوْلُهُ، أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى رَاجِعٌ لِلْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ لَا لِلْآمَّةِ (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا) أَيْ فَفِي مُنَقِّلَتِهِ عُشْرُ قِيمَتِهِ وَنِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ فِي غَيْرِهِمَا كَيَدٍ إلَخْ) الَّذِي يَتَأَتَّى مِنْ الْجِرَاحِ الْمَذْكُورَةِ فِي غَيْرِهِمَا كَالْيَدِ، وَالرِّجْلِ إنَّمَا هِيَ الْمُوضِحَةُ وَالْمُنَقِّلَةِ (قَوْلُهُ: بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ) فِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقَوِّمُ عَبْدًا فَرْضًا نَاقِصًا وَكَامِلًا وَيَنْظُرُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ أَيْ قِيمَتِهِ سَالِمًا وَمَجْرُوحًا وَيُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ بِنِسْبَةِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ لَا بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ يَعْنِي مَعَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فِي التَّقْوِيمِ، وَالنِّسْبَةِ فَلَا تَخَالُفَ.
(قَوْلُهُ: مِنْ جَانِبٍ لِلْآخَرِ) أَيْ كَأَنْ يَضْرِبَهُ فِي جَنْبِهِ فَتَنْفُذُ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الظَّهْرِ لِلْبَطْنِ) أَيْ كَأَنْ يَضْرِبَهُ فِي بَطْنِهِ فَتَنْفُذُ لِظَهْرِهِ وَبِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ دِيَةُ جَائِفَتَيْنِ) أَيْ وَذَلِكَ ثُلُثَا دِيَةِ النَّفْسِ (قَوْلُهُ: كَتَعَدُّدِ الْمُوضِحَةِ) أَيْ كَمَا يَتَعَدَّدُ الْوَاجِبُ إذَا تَعَدَّدَتْ الْمُوضِحَةُ إلَخْ فَفِي الْمُوضِحَتَيْنِ عُشْرُ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَفِي الْمُنَقِّلَتَيْنِ خُمُسُهَا وَعُشْرُهَا وَفِي الْآمَّتَيْنِ ثُلُثَاهَا.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَتَّصِلْ) أَيْ تِلْكَ الْمَذْكُورَاتُ بِبَعْضِهَا، وَهَذَا رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَلَا يُتَصَوَّرُ رُجُوعُهُ لِمَا قَبْلَهَا، وَهُوَ نُفُوذُ الْجَائِفَةِ لِجِهَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الِاتِّصَالُ.
(قَوْلُهُ: مُنْفَصِلًا عَنْ الْآخَرِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مَا بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ مَثَلًا سَالِمًا لَمْ يَبْلُغْ الْعَظْمَ سَوَاءٌ انْسَلَخَ الْجِلْدُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ اتَّصَلَ مَا بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ إلَخْ) اتِّصَالُ مَا بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ هُوَ أَنْ يَصِلَ مَا بَيْنَهُمَا لِلْعَظْمِ حَتَّى تَصِيرَ الْمُوضِحَتَانِ شَيْئًا وَاحِدًا وَاتِّصَالُ مَا بَيْنَ الْمُنَقِّلَتَيْنِ أَنْ يَطِيرَ فِرَاشُ الْعَظْمِ الَّذِي بَيْنَهُمَا لِلدَّوَاءِ حَتَّى يَصِيرَ شَيْئًا وَاحِدًا وَاتِّصَالُ مَا بَيْنَ الْآمَّتَيْنِ أَنْ يَصِلَ مَا بَيْنَ الْآمَّتَيْنِ لِأُمِّ الدِّمَاغِ حَتَّى تَصِيرَ آمَّةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَدَّدُ إلَخْ) ذَكَرَ هَذَا، وَإِنْ كَانَ مَفْهُومُ شَرْطٍ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ بِفَوْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِفَوْرٍ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ تَعَدُّدُهَا عَلَى وَجْهِ الِاتِّصَالِ بِفَوْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ بِالْعَكْسِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْفَوْرَ، وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى التَّتَابُعِ، لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الزَّمَنُ الْمُتَتَابِعُ فِيهِ فَلِذَا صَحَّ جَعْلُهُ ظَرْفًا وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْبَاءَ لِلظَّرْفِيَّةِ وَفِي لِلسَّبَبِيَّةِ وَلِإِمْكَانِ الْجَوَابِ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِمَا ذُكِرَ قَالَ الشَّارِحُ الْأَوْلَى وَلَمْ يَقُلْ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ) أَيْ فَلِكُلِّ جُرْحٍ دِيَتُهُ.
وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْجُرْحِ إنْ لَمْ تَتَّصِلْ الْجِرَاحَاتُ، أَوْ اتَّصَلَتْ وَكَانَتْ عَلَى التَّرَاخِي لَا إنْ اتَّصَلَتْ وَكَانَتْ فِي فَوْرٍ سَوَاءٌ كَانَتْ بِضَرْبَةٍ، أَوْ ضَرَبَاتٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ الصَّوْتِ الْخَالِي عَنْ الْحُرُوفِ) أَيْ فِيمَنْ لَيْسَ لَهُ إلَّا صَوْتٌ