وَهُوَ مَعْنًى فِي اللِّسَانِ وَمِثْلُ ذَلِكَ الشَّمُّ وَيُقَاسُ عَلَى ذَلِكَ اللَّمْسُ، وَهُوَ قُوَّةٌ مُنْبَثَّةٌ عَلَى سَطْحِ الْبَدَنِ يُدْرَكُ بِهِ الْحَرَارَةُ، وَالْبُرُودَةُ، وَالنُّعُومَةُ، وَالْخُشُونَةُ وَنَحْوُهَا عِنْدَ الْمُمَاسَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِيمَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْحُكُومَةُ وَقِيَاسُهُ عَلَى الذَّوْقِ مَثَلًا ظَاهِرٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّ مَنْ فَعَلَ بِإِنْسَانٍ فِعْلًا مِنْ ضَرْبٍ، أَوْ غَيْرِهِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَذَهَبَ بِسَبَبِهِ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَالْمُرَادُ ذَهَابُ الْمَنْفَعَةِ بِتَمَامِهَا فَلَوْ ذَهَبَ الْبَعْضُ فَعَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ بِحِسَابِ مَا ذَهَبَ وَلَوْ، أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ عَقْلُهُ فَعَلَيْهِ وَاجِبُ كُلٍّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ عَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِلْعَقْلِ فَقَطْ (أَوْ) ذَهَابُ (قُوَّةِ الْجِمَاعِ) بِأَنْ أَفْسَدَ إنْعَاظَهُ وَلَا تَنْدَرِجُ فِيهِ دِيَةُ الصُّلْبِ، وَإِنْ كَانَتْ قُوَّةُ الْجِمَاعِ فِيهِ فَلَوْ ضَرَبَ صُلْبَهُ فَأَبْطَلَهُ وَأَبْطَلَ جِمَاعَهُ فَعَلَيْهِ دِيَتَانِ (أَوْ) ذَهَابُ نَسْلِهِ بِأَنْ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا أَفْسَدَ مَنِيَّهُ، فَالدِّيَةُ (أَوْ) فِي حُصُولِ (تَجْذِيمِهِ) ، أَوْ تَبْرِيصِهِ (أَوْ تَسْوِيدِهِ) ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْبَرَصِ فَإِنْ جَذَّمَهُ وَسَوَّدَهُ فَدِيَتَانِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (أَوْ قِيَامُهُ وَجُلُوسُهُ) مَعًا بِدَلِيلِ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ، وَكَذَا فِي ذَهَابِ قِيَامِهِ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَأَمَّا ذَهَابُ جُلُوسِهِ فَقَطْ فَفِيهِ حُكُومَةٌ فَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى تَعْطِيلِ الْمَنَافِعِ ذَكَرَ الذَّوَاتِ فَقَالَ (أَوْ) (الْأُذُنَيْنِ) فَفِي قَطْعِهِمَا الدِّيَةُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ فِيهِمَا حُكُومَةً إذَا لَمْ يَذْهَبْ سَمْعُهُ (أَوْ الشَّوَى) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ جِلْدُ الرَّأْسِ جَمْعُ شَوَاةٍ، وَهِيَ جِلْدَةُ الرَّأْسِ فَإِنْ أَذْهَبَ بَعْضَهَا فَبِحِسَابِهِ (أَوْ) (الْعَيْنَيْنِ) الْبَاصِرَتَيْنِ أَيْ فِي قَلْعِهِمَا، أَوْ طَمْسِهِمَا بِأَنْ أُغْلِقَتْ الْحَدَقَةُ الدِّيَةُ وَلَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا، أَوْ الْبَصَرُ؛ لِأَنَّ الذَّاهِبَ فِيمَا تَقَدَّمَ مُجَرَّدُ الْبَصَرِ، وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ، وَهُنَا طُمِسَتْ الْحَدَقَةُ مَعَ ذَهَابِ الْبَصَرِ، أَوْ قُلِعَتْ وَأُتِيَ بِهِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا دِيَةٌ وَحُكُومَةٌ، وَإِنْ كَانَ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي إلَّا الْمَنْفَعَةَ بِمَحَلِّهَا (أَوْ) (عَيْنِ الْأَعْوَرِ) الْبَاصِرَةِ إذَا تَلِفَتْ فِيهَا الدِّيَةُ كَامِلَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَقَطْ كَالْأَخْرَسِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ مَعْنًى فِي اللِّسَانِ) أَيْ قُوَّةٌ مُنْبَثَّةٌ فِي الْعَصَبِ الْمَفْرُوشِ عَلَى جِرْمِ اللِّسَانِ يُدْرَكُ بِهَا الطُّعُومُ بِمُخَالَطَةِ الرُّطُوبَةِ اللُّعَابِيَّةِ الَّتِي فِي الْفَمِ وَوُصُولِهَا لِلْعَصَبِ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ) هَذَا رَدٌّ عَلَى عبق الْقَائِلِ إنَّ فِيهِ حُكُومَةً وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِكَوْنِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِيمَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَإِطْعَامٍ، أَوْ سَقْيٍ، أَوْ جُرْحٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَفْعَالِ (قَوْلُهُ: عَمْدًا، أَوْ خَطَأً) اعْلَمْ أَنَّ لُزُومَ الدِّيَةِ فِي ذَهَابِ مَا ذُكِرَ بِالْفِعْلِ الْخَطَإِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْفِعْلُ عَمْدًا فَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ الْفِعْلُ لَا قِصَاصَ فِيهِ كَاللَّطْمَةِ وَلَمْ يُمْكِنْ التَّحَيُّلُ عَلَى ذَهَابِ الْمَنْفَعَةِ، وَإِلَّا تُحُيِّلَ عَلَى ذَهَابِهَا كَمَا مَرَّ فَإِنْ كَانَ ذَهَابُ الْمَنْفَعَةِ بِفِعْلٍ فِيهِ الْقِصَاصُ كَجُرْحٍ اقْتَصَّ مِثْلُهُ مِنْ الْجَانِي فَإِنْ زَالَ الْمَعْنَى مِنْهُ فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا أَخَذَ مِنْهُ دِيَةَ مَا ذَهَبَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَذَهَبَ بِسَبَبِهِ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْعَقْلِ وَمَا بَعْدَهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ (قَوْلُهُ: بِحِسَابِ مَا ذَهَبَ) أَيْ فَإِذَا ضَرَبَهُ فَصَارَ يَعْتَرِيهِ الْجُنُونُ فِي كُلِّ شَهْرٍ يَوْمًا مَعَ لَيْلَتِهِ كَانَ لَهُ جُزْءٌ مِنْ ثَلَاثِينَ جُزْءًا مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ صَارَ يَعْتَرِيهِ الْجُنُونُ فِي كُلِّ شَهْرٍ يَوْمًا فَقَطْ، أَوْ لَيْلَةً فَقَطْ كَانَ لَهُ جُزْءٌ مِنْ سِتِّينَ جُزْءًا مِنْ الدِّيَةِ وَلَا يُرَاعِي طُولَ النَّهَارِ وَلَا قِصَرَهُ وَلَا طُولَ اللَّيْلِ وَلَا قِصَرَهُ حَيْثُ كَانَ يَعْتَرِيهِ الْجُنُونُ فِي اللَّيْلِ فَقَطْ، أَوْ فِي النَّهَارِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ الطَّوِيلَ، وَالنَّهَارَ الْقَصِيرَ لَمَّا عَادَ لَهُمَا مَا يَأْتِي فِي لَيْلٍ قَصِيرٍ وَنَهَارٍ طَوِيلٍ صَارَ أَمْرُ اللَّيْلِ، وَالنَّهَارِ مُتَسَاوِيًا (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ وَاجِبُ كُلٍّ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِلْعَقْلِ وَنِصْفُ عُشْرِ دِيَةٍ لِلْمُوضِحَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ الْعَقْلِ الْقَلْبُ لَا الرَّأْسُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ الْعَقْلِ الرَّأْسُ وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِلْعَقْلِ فَقَطْ أَيْ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا الْمَنْفَعَةَ بِمَحَلِّهَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَفْسَدَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا فَأَفْسَدَ إنْعَاظَهُ أَيْ انْتِصَابَ ذَكَرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَنْدَرِجُ فِيهِ) أَيْ فِي إبْطَالِ قُوَّةِ الْجِمَاعِ أَيْ لَا تَنْدَرِجُ فِي دِيَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ قُوَّةُ الْجِمَاعِ فِيهِ) أَيْ، وَإِنْ كَانَتْ قُوَّةُ الْجِمَاعِ الَّتِي فَسَدَتْ مُنْدَرِجَةً فِيهِ أَيْ فِي الصُّلْبِ الَّذِي أَفْسَدَهُ (قَوْلُهُ أَفْسَدَ مَنِيَّهُ) أَيْ بِحَيْثُ صَارَ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ نَسْلٌ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي حُصُولِ تَجْذِيمِهِ) أَيْ بِأَنْ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا فَحَصَلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ تَجْذِيمُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ تَسْوِيدِهِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ السَّوَادُ، أَوْ الْبَرَصُ جِسْمَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الظَّاهِرِ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: فَفِيهِ حُكُومَةٌ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَذْهَبَ بَعْضَ كُلٍّ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي ذَلِكَ حُكُومَةً
(قَوْلُهُ: فَفِي قَطْعِهِمَا الدِّيَةُ) أَيْ فَفِي مُجَرَّدِ قَطْعِهِمَا بِدُونِ ذَهَابِ سَمْعٍ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ: وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ فِيهِمَا حُكُومَةً) أَيْ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ وُجُوبِ الدِّيَةِ فِي مُجَرَّدِ قَطْعِهِمَا فَقَدْ تَبِعَ فِيهِ تَصْحِيحَ ابْنِ الْحَاجِبِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَذْهَبْ سَمْعُهُ) أَيْ، وَإِلَّا، فَالدِّيَةُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: أَوْ الشَّوَى) يَعْنِي أَنَّ مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا أَذْهَبَ بِهِ جِلْدَ رَأْسِهِ بِتَمَامِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَأَمَّا إنْ أَذْهَبَ بَعْضَهَا فَعَلَيْهِ بِحِسَابِهِ مِنْ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ حُكُومَةٌ (قَوْلُهُ جِلْدُ الرَّأْسِ) بِتَمَامِهِ وَقَوْلُهُ جِلْدَةُ الرَّأْسِ أَيْ الْقِطْعَةُ مِنْ جِلْدِهَا (قَوْلُهُ: أَيْ فِي قَلْعِهِمَا) أَيْ إخْرَاجِهِمَا مِنْ مَحَلِّهِمَا وَتَصْيِيرِهِمَا بَارِزَتَيْنِ كَالزِّرِّ وَقَوْلُهُ، أَوْ طَمْسِهِمَا أَيْ فَقْئِهِمَا (قَوْلُهُ بِأَنْ أُغْلِقَتْ الْحَدَقَةُ) أَيْ بِفَقْئِهَا، وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِلطَّمْسِ (قَوْلُهُ لَيْسَ فِيهِمَا) أَيْ فِي طَمْسِ الْحَدَقَةِ وَذَهَابِ الْبَصَرِ دِيَةٌ وَحُكُومَةٌ أَيْ بَلْ الْوَاجِبُ فِيهِمَا دِيَةٌ فَقَطْ