عَنْ عَامِلِهِ أَيْ أَنَّ الْعَامِلَ فِيهِ قِيمَةٌ وَجَازَ أَيْضًا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِنُقْصَانٍ أَيْ نُقْصَانِهِ وَقْتَ بُرْئِهِ فَيَكُونُ وَاقِعًا فِي مَرْكَزِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ قِيمَتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِنُقْصَانٍ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ أَيْ حَالَ كَوْنِ النُّقْصَانِ مُعْتَبَرًا مِنْ قِيمَتِهِ عَبْدًا وَعَبْدًا حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْبَارِزِ فِي قِيمَتِهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ (فَرْضًا) تَقْدِيرًا أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مُقَدَّرًا عَبْدًا، وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّقْوِيمُ بَعْدَ بُرْئِهِ أَيْ صِحَّتِهِ خَوْفَ أَنْ يَتَرَامَى إلَى النَّفْسِ، أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَقَوْلُهُ (مِنْ الدِّيَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِنِسْبَةٍ مُلَاحَظًا فِيهِ الْمُقَدَّرُ قَبْلَهُ أَيْ مِثْلَ نِسْبَةِ النُّقْصَانِ مِنْ الدِّيَةِ فَيُقَوَّمُ بَعْدَ الْبُرْءِ عَبْدًا سَالِمًا بِعَشَرَةٍ مَثَلًا، ثُمَّ يُقَوَّمُ مَعِيبًا بِتِسْعَةٍ مَثَلًا، فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ هُوَ الْعُشْرُ فَيَجِبُ عَلَى الْجَانِي بِنِسْبَةِ ذَلِكَ، وَهُوَ عُشْرُهَا، ثُمَّ بُرْؤُهُ لَا يَسْتَلْزِمُ عَوْدَهُ كَمَا كَانَ، لَكِنْ إنْ عَادَ كَمَا كَانَ فَإِنَّمَا عَلَى الْجَانِي الْأَدَبُ فِي الْعَمْدِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْخَطَإِ، فَالْحُكُومَةُ إنَّمَا هِيَ فِيمَا إذَا بَرِئَ عَلَى شَيْءٍ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ وَأَمَّا مَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا فَفِيهِ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ بِشَيْنٍ (كَجَنِينِ الْبَهِيمَةِ) تُضْرَبُ عَلَى بَطْنِهَا مَثَلًا فَتُلْقِي جَنِينًا حَيًّا، أَوْ مَيِّتًا فَتَنْقُصُ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَفِيهَا حُكُومَةٌ أَيْ أَرْشُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا سَلِيمَةً وَأَمَّا الْجَنِينُ فَإِنْ نَزَلَ مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَإِنْ نَزَلَ حَيًّا وَمَاتَ فَقِيمَتُهُ مَعَ مَا نَقَصَ أُمَّهُ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَفِي الْجِرَاحِ حُكُومَةٌ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا قَوْلَهُ (إلَّا الْجَائِفَةَ) عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِالْبَطْنِ، وَالظَّهْرِ (وَالْآمَّةَ فَثُلُثٌ) مِنْ الدِّيَةِ الْمُخَمَّسَةِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَمِثْلُهُمَا الدَّامِغَةُ (و) إلَّا (الْمُوضِحَةَ) خَطَأً (فَنِصْفُ عُشْرٍ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ فِي عَمْدِهَا الْقِصَاصَ (و) إلَّا (الْمُنَقِّلَةَ، وَالْهَاشِمَةَ) عَطْفٌ مُرَادِفٌ (فَعُشْرٌ وَنِصْفُهُ) أَيْ نِصْفُ الْعُشْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ بَعِيرًا، أَوْ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِينَارًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ لِلْأُمِّ السُّدُسُ خِلَافًا لِرَبِيعَةَ حَيْثُ قَالَ تَخْتَصُّ بِهَا الْأُمُّ؛ لِأَنَّهَا كَالْعِوَضِ عَنْ جُزْءٍ مِنْهَا وَخِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ هُرْمُزَ لِلْأُمِّ، وَالْأَبِ عَلَى الثُّلُثِ، وَالثُّلُثَيْنِ وَلَوْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ وَكَانَ مَالِكٌ أَوَّلًا يَقُولُ بِذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ لِلْأَوَّلِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُنْزِلُ لِلْجَنِينِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ، أَوْ الْإِخْوَةِ كَانَ كَالْقَاتِلِ فَلَا يَرِثُ مِنْ الْوَاجِبِ الْمَذْكُورِ شَيْئًا وَاعْلَمْ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَوَرِثَ عَلَى الْفَرَائِضِ لَا يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ أَنَّ الْجَنِينَ إذَا لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ لَا يُورَثُ عَنْهُ مَالٌ يَمْلِكُهُ، وَالْمَوْرُوثُ هُنَا عِوَضُ ذَاتِهِ (قَوْلُهُ أَيْ أَنَّ الْعَامِلَ فِيهِ قِيمَةٌ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْفِعْلِ أَيْ، وَإِنَّمَا يُقَوَّمُ وَقْتَ بُرْئِهِ أَيْ صِحَّتِهِ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِنِسْبَةِ إلَخْ) أَرَادَ بِالتَّعَلُّقِ الِارْتِبَاطَ الْمَعْنَوِيَّ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٍ مِنْهُ أَيْ بِمِثْلِ نِسْبَةِ نُقْصَانِ الْجِنَايَةِ مِنْ قِيمَتِهِ مَأْخُوذُ ذَلِكَ الْمِثْلِ مِنْ الدِّيَةِ وَيَصِحُّ تَعَلُّقُ قَوْلِهِ مِنْ الدِّيَةِ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ أَيْ يُؤْخَذُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الدِّيَةِ.
وَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّ فِي الْجِرَاحِ شَيْئًا مَحْكُومًا بِهِ مُصَوَّرًا بِمِثْلِ نِسْبَةِ نُقْصَانِ الْجِنَايَةِ مِنْ قِيمَتِهِ حَالَ كَوْنِهِ مَفْرُوضًا عُبُودِيَّتُهُ نَاقِصًا إلَى قِيمَتِهِ مَفْرُوضًا عُبُودِيَّتُهُ كَامِلًا مَأْخُوذُ ذَلِكَ الْمُمَاثِلِ لِلنِّسْبَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: فَفِيهِ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ) أَيْ سَوَاءٌ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ، أَوْ لَا، ثُمَّ إنَّ الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْجُرْحِ شَيْءٌ مُقَدَّرُ الْقَوْلَ بِأَنَّ عَلَى الْجَانِي أُجْرَةَ الطَّبِيبِ وَثَمَنَ الدَّوَاءِ سَوَاءٌ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ أَمْ لَا مَعَ الْحُكُومَةِ فِي الْأَوَّلِ وَأَمَّا مَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ فَلَيْسَ فِيهِ سِوَاهُ وَلَوْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ سِوَى مُوضِحَةِ الْوَجْهِ، وَالرَّأْسِ فَيَلْزَمُ مَعَ الْقَدْرِ فِيهَا أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ الدَّوَاءِ (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ) أَيْ، وَاللَّازِمُ لِلْجَانِي الْحُكُومَةُ فِي الْأُمِّ فَقَطْ (قَوْلُهُ مَعَ مَا نَقَصَ أُمَّهُ) أَيْ مَعَ الْحُكُومَةِ الَّتِي فِي نَقْصِ أُمِّهِ (قَوْلُهُ مُنْقَطِعًا) ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ إلَّا فِي الْجُرْحِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ وَمَا بَعْدَهَا فِيمَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْجُرْحِ يَشْمَلُ مَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ وَمَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَكُلُّ جُرْحٍ فِيهِ حُكُومَةٌ إلَّا الْجَائِفَةَ فَمَا قَبْلَ إلَّا عُمُومُهُ مُرَادٌ تَنَاوُلًا لَا حُكْمًا مِثْلَ قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا كَمَا يَأْتِي مَا أَفَضْت لِلْجَوْفِ أَيْ دَخَلَتْ فِيهِ وَلَوْ قَدْرَ إبْرَةٍ فَمَا خَرَقَ جِلْدَةَ الْبَطْنِ وَلَمْ يَصِلْ لِلْجَوْفِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا حُكُومَةٌ وَمُرَادُهُ بِالظَّهْرِ، وَالْبَطْنِ مَا يَشْمَلُ الْجَنْبَ (قَوْلُهُ، وَالْآمَّةَ) أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً؛ إذْ لَا قِصَاصَ فِيهَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الدَّامِغَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْآمَّةَ هِيَ الَّتِي تُفْضِي لِخَرِيطَةِ الدِّمَاغِ وَلَمْ تَخْرِقْهُ، وَإِلَّا كَانَتْ دَامِغَةً (قَوْلُهُ فَثُلُثٌ) أَيْ، وَهُوَ عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً، وَإِلَّا فَفِي مَالِ الْجَانِي (قَوْلُهُ: مِنْ الدِّيَةِ الْمُخَمَّسَةِ) اعْلَمْ أَنَّ الدِّيَةَ مُخَمَّسَةٌ فِي جِرَاحَاتِ الْخَطَإِ جَزْمًا كَدِيَةِ الْقَتْلِ الْخَطَإِ وَأَمَّا جِرَاحُ الْعَمْدِ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ لِخَطَرِهِ كَالْآمَّةِ، وَالْجَائِفَةِ، أَوْ لِعَدَمِ الْمُمَاثِلِ، أَوْ لِلْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ مُبْهَمَةً، أَوْ لِكَوْنِ الْجَانِي الْأَبَ فَإِنَّهَا تَغْلُظُ بِالتَّرْبِيعِ إنْ كَانَ الْجَانِي غَيْرَ الْأَبِ بِالتَّثْلِيثِ إنْ كَانَ الْجَانِي أَبًا كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا الدَّامِغَة) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ فِيهَا حُكُومَةٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ سَكَتَ عَنْهَا عِنْدَ ذِكْرِ مَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا الْمُوضِحَةَ) تَقَدَّمَ أَنَّهَا الَّتِي تُوضِحُ عَظْمَ الرَّأْسِ، أَوْ الْجَبْهَةِ، أَوْ الْخَدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا الْمُنَقِّلَةَ) أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً؛ إذْ لَا قِصَاصَ فِيهَا حَيْثُ كَانَتْ فِي الرَّأْسِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا الَّتِي يَطِيرُ فِرَاشُ الْعَظْمِ مِنْهَا لِأَجْلِ الدَّوَاءِ (قَوْلُهُ: عَطْفٌ مُرَادِفٌ) أَيْ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا أَرَاهَا إلَّا الْمُنَقِّلَةَ