(وَرَجَعَ الْجَانِي) إنْ أَقْسَمُوا (فِيمَا أُخِذَ مِنْهُ) ، وَهَذَا إنْ صَالَحَ عَنْهُ فَقَطْ وَأَمَّا لَوْ صَالَحَ عَنْهُ وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ فَخِلَافُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصُّلْحِ بِأَتَمَّ مِمَّا هُنَا (وَلِلْقَاتِلِ) إنْ ادَّعَى الْعَفْوَ عَنْهُ وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ (الِاسْتِحْلَافُ عَلَى) عَدَمِ (الْعَفْوِ) (فَإِنْ) حَلَفَ الْوَلِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَعْفُ فَلَهُ الْقَوَدُ، وَإِنْ (نَكَلَ حَلَفَ) الْقَاتِلُ يَمِينًا (وَاحِدَةً) لَا خَمْسِينَ (وَبَرِئَ) فَإِنْ نَكَلَ قُتِلَ بِلَا قَسَامَةٍ، وَإِذَا ادَّعَى أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً عَلَى الْعَفْوِ غَائِبَةً حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ (وَتَلَوَّمَ لَهُ) بِالِاجْتِهَادِ (فِي بَيِّنَتِهِ الْغَائِبَةِ) قَرُبَتْ غَيْبَتُهَا، أَوْ بَعُدَتْ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَحَمَلَهَا عَلَيْهِ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ (وَقُتِلَ) الْقَاتِلُ (بِمَا قَتَلَ) بِهِ (وَلَوْ نَارًا) ، وَهَذَا إنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ اعْتِرَافٍ فَإِنْ ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ قُتِلَ بِالسَّيْفِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ (إلَّا) أَنْ يَثْبُتَ الْقَتْلُ (بِخَمْرٍ، أَوْ لِوَاطٍ) أَقَرَّ بِهِ وَأَمَّا لَوْ ثَبَتَ بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ فَحَدُّهُ الرَّجْمُ (وَسِحْرٍ) ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ (وَمَا يَطُولُ) كَمَنْعِهِ طَعَامًا، أَوْ مَاءً حَتَّى مَاتَ، أَوْ نَخَسَهُ بِإِبْرَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ السَّيْفُ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ (وَهَلْ، وَالسُّمُّ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ فِي الْأَكْثَرِ، وَالْكَسْرُ لُغَةُ تَمِيمٍ، وَالضَّمَّةُ لُغَةُ أَهْلِ الْعَالِيَةِ أَيْ لَا يُقْتَلُ بِهِ (أَوْ) يُقْتَلُ بِهِ و (يَجْتَهِدُ فِي قَدْرِهِ) أَيْ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَمُوتُ بِهِ مِنْ السُّمِّ (تَأْوِيلَانِ) ، وَإِذَا قُتِلَ بِمَا قَتَلَ (فَيُغَرَّقُ وَيُخَنَّقُ وَيُحَجَّرُ) إنْ فَعَلَ بِالْمَقْتُولِ ذَلِكَ أَيْ إنْ قَتَلَ بِحَجَرٍ قُتِلَ بِهِ، وَكَذَا مَا قَبْلَهُ (و) مَنْ قَتَلَ بِعَصًا (ضُرِبَ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ كَذِي عُضْوَيْنِ) أَيْ ضَرَبَهُ بِالْعَصَا مَرَّتَيْنِ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ بِالْعَصَا حَتَّى يَمُوتَ فَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْعَدَدِ (وَمُكِّنَ مُسْتَحِقٌّ) لِلْقِصَاصِ (مِنْ السَّيْفِ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ قَتَلَ الْجَانِي بِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَوْلِيَاءُ مِنْ ذَلِكَ وَطَلَبُوا إمْضَاءَ الصُّلْحِ فَلَا كَلَامَ لِلْجَانِي، وَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ لِلْأَوْلِيَاءِ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ الْجَانِي) أَيْ، وَإِذَا نَقَضَ الْأَوْلِيَاءُ الصُّلْحَ الْحَاصِلَ مِنْ وَلِيِّهِمْ وَأَقْسَمُوا رَجَعَ الْجَانِي بِمَا أَخَذَهُ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ صُلْحًا أَيْ رَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى تَرِكَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ صَالَحَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْجُرْحِ (قَوْلُهُ: الِاسْتِحْلَافُ) أَيْ تَحْلِيفُ الْوَلِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَعْفُ عَنْهُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْوَلِيِّ بَلْ إمَّا أَنْ يُثْبِتَ الْجَانِي مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْعَفْوِ، وَإِلَّا قُتِلَ وَفِي بْن عَنْ ابْنِ عَاشِرٍ اسْتِشْكَالُ تَحْلِيفِ الْجَانِي لِوَلِيِّ الدَّمِ مَعَ قَوْلِهِمْ كُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا وَعَدُّوا مِنْ ذَلِكَ الْعَفْوَ (قَوْلُهُ عَلَى عَدَمِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ مُضَافٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِجَوَازِ جَعْلِ عَلَى لِلتَّعْلِيلِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] (قَوْلُهُ: حَلَفَ الْقَاتِلُ يَمِينًا وَاحِدَةً) أَيْ إنَّ وَلِيَّ الدَّمِ عَفَا عَنْهُ (قَوْلُهُ لَا خَمْسِينَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ إنَّمَا يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً أَنَّهُ لَمْ يَعْفُ وَقَدْرُهَا عَلَى الْجَانِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ قُتِلَ بِلَا قَسَامَةٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْقَاتِلِ أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ عَفَا عَنْهُ تَتَضَمَّنُ اعْتِرَافَهُ بِالْقَتْلِ (قَوْلُهُ: حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً غَائِبَةً تَشْهَدُ لَهُ بِعَفْوِ الْوَلِيِّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَتَلَوَّمَ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا مَضَتْ مُدَّةُ التَّلَوُّمِ وَلَمْ تَأْتِ تِلْكَ الْبَيِّنَةُ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَإِنْ اقْتَصَّ الْحَاكِمُ مِنْهُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ فَقَدِمَتْ وَشَهِدَتْ بِالْعَفْوِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْوَلِيِّ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَا يَكُونُ مِنْ خَطَإِ الْإِمَامِ فَإِنْ اقْتَصَّ الْحَاكِمُ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ قَطْعًا وَانْظُرْ إذَا قَتَلَهُ الْوَلِيُّ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ، فَهَلْ كَذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ، أَوْ يُقْتَصُّ مِنْهُ اهـ عبق (قَوْلُهُ: وَقُتِلَ بِمَا قَتَلَ بِهِ إلَخْ) فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْجِرَاحَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ؛ إذْ يُطْلَبُ فِيهَا الْقِصَاصُ مِنْ الْجَانِي بِأَرْفَقَ مِمَّا جَنَى بِهِ فَإِذَا، أَوْضَحَهُ بِحَجَرٍ، أَوْ عَصًا اُقْتُصَّ مِنْهُ بِالْمُوسَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَارًا) ، لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الصِّفَةِ وَرُدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ لَا يُقْتَصُّ بِالنَّارِ مِمَّنْ قَتَلَ بِهَا وَعَلَى الْمَشْهُورِ يَكُونُ الْقِصَاصُ بِالنَّارِ مُسْتَثْنًى مِنْ النَّهْيِ عَنْ التَّعْذِيبِ بِهَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَثْبُتَ الْقَتْلُ بِخَمْرٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ عَلَى أَنَّهُ أَكْرَهَهُ عَلَى الْإِكْثَارِ مِنْ شُرْبِهِ حَتَّى مَاتَ فَلَا يُقْتَلُ بِمَا قَتَلَ بِهِ بَلْ يُقْتَلُ قِصَاصًا بِالسَّيْفِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِوَاطٍ أَقَرَّ بِهِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ لَاطَ بِهِ فَمَاتَ وَثَبَتَ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا يُقْتَلُ بِمَا قَتَلَ بِهِ بَلْ بِالسَّيْفِ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَى إقْرَارِهِ بَلْ رَجَعَ عَنْهُ وَلَا يُقَالُ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالزِّنَا وَرَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ؛ لِأَنَّ قَبُولَ رُجُوعِهِ مِنْ حَيْثُ عَدَمِ رَجْمِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ لِإِقْرَارِهِ بِالْقَتْلِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالْقَتْلِ لَا يَنْفَعُ فِيهِ رُجُوعُهُ قَالَ الْبِسَاطِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ لَا يُقْتَلُ بِلِوَاطٍ أَنَّهُ لَا يُجْعَلُ لَهُ خَشَبَةٌ تُحَرَّكُ فِي دُبُرِهِ حَتَّى يَمُوتَ لِفُحْشِ ذَلِكَ، وَإِلَّا، فَاللِّوَاطُ لَا يَقْتُلُ عَادَةً وَمَوْتُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَرْضُ اتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ ثَبَتَ بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ إلَخْ) أَيْ، أَوْ بِإِقْرَارٍ وَاسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ (قَوْلُهُ: ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ) أَيْ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ بِالسَّيْفِ وَلَا يُؤْمَرُ ذَلِكَ السَّاحِرُ أَنْ يَفْعَلَ السِّحْرَ لِنَفْسِهِ بِحَيْثُ يَمُوتُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْصِيَةِ مَعْصِيَةٌ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ الْقَائِلِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِهِ يُؤْمَرُ بِفِعْلِهِ لِنَفْسِهِ فَإِنْ مَاتَ، وَإِلَّا، فَالسَّيْفُ (قَوْلُهُ:، وَهَلْ، وَالسُّمُّ) أَيْ إذَا قَتَلَ الْجَانِي بِهِ شَخْصًا فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ، وَإِنَّمَا يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ كَالْمُسْتَثْنَيَاتِ الْأَرْبَعِ، وَالسُّمُّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى خَمْرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ يُجْتَهَدُ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: أَيْ إنْ قَتَلَ بِحَجَرٍ قُتِلَ بِهِ) أَيْ فَيُضْرَبُ بِهِ فِي مَحَلِّ خَطَرٍ بِحَيْثُ يَمُوتُ بِسُرْعَةٍ لَا أَنَّهُ يُرْمَى بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَا قَبْلَهُ) أَيْ فَمَنْ قَتَلَ شَخْصًا بِالتَّغْرِيقِ، أَوْ بِالْخَنْقِ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِهِ مِثْلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَذِي عَصَوَيْنِ) أَيْ كَذِي ضَرْبَةِ عَصَوَيْنِ وَقَوْلُهُ أَيْ ضَرَبَهُ بِالْعَصَا مَرَّتَيْنِ أَيْ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمُكِّنَ مُسْتَحِقٌّ لِلْقِصَاصِ مِنْ السَّيْفِ) يَعْنِي أَنَّ مُسْتَحِقَّ