فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يُبَالِغَ عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ، وَإِنْ قَبْلَ سَبَبِهَا (أَوْ) ، أَوْصَى لِرَجُلٍ مَثَلًا (بِثُلُثِهِ) قَبْلَ السَّبَبِ فَتَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ مَوْرُوثٌ عَنْهُ (أَوْ) ، أَوْصَى (بِشَيْءٍ) كَدَارٍ، أَوْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ، أَوْ عَشَرَةِ أَثْوَابٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ ثُلُثًا وَلَا غَيْرَهُ، ثُمَّ جُنِيَ عَلَيْهِ فَتَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِي الدِّيَةِ وَمَحَلُّ دُخُولِ الْوَصِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ فِي الدِّيَةِ حَيْثُ، أَوْصَى قَبْلَ السَّبَبِ (إذَا عَاشَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ (مَا) أَيْ زَمَنًا (يُمْكِنُهُ) فِيهِ (التَّغْيِيرُ) بِأَنْ كَانَ صَحِيحَ الذِّهْنِ (فَلَمْ يُغَيِّرْ) فِي وَصِيَّتِهِ فَإِنْ رَفَعَ مَغْمُورًا بَعْدَ الْجُرْحِ، أَوْ مَاتَ مَكَانَهُ لَمْ تَدْخُلْ الْوَصِيَّةُ فِي الدِّيَةِ (بِخِلَافِ) دِيَةِ (الْعَمْدِ) لَا تَدْخُلُ فِيهَا الْوَصَايَا، وَإِنْ عَاشَ بَعْدَ الْجُرْحِ مَا يُمْكِنُهُ فِي التَّغْيِيرِ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ طَرَأَ لِلْوَارِثِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِالصُّلْحِ عَلَيْهَا فَلَا دَخْلَ لِلْوَصِيَّةِ فِيهَا (إلَّا أَنْ يَنْفُذَ مَقْتَلَهُ وَيَقْبَلَ وَارِثُهُ الدِّيَةَ وَعَلِمَ) بِقَبُولِ وَارِثِهِ لَهَا وَلَمْ يُغَيِّرْ فَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهَا؛ لِأَنَّ عِلْمَهُ بِقَبُولِ وَارِثِهِ الدِّيَةَ مَعَ عَدَمِ تَغَيُّرِهَا كَإِحْدَاثِهَا بَعْدَهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إنْ قَبِلَ وَارِثِي الدِّيَةَ فَوَصَّيْتُ فِيهَا، أَوْ فَقَدْ أَوْصَيْت بِثُلُثِهَا فَلَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَدْخُلُ مِنْهَا فِي ثُلُثِهِ شَيْءٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ تَدْخُلُ وَصِيَّتِي فِيمَا عَلِمْت وَمَا لَمْ أَعْلَمْ فَلَا تَدْخُلُ وَصِيَّتُهُ فِي دِيَةِ الْعَمْدِ كَمَا فِي النَّقْلِ (وَإِنْ) (عَفَا) مَجْرُوحٌ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً (عَنْ جُرْحِهِ) مَجَّانًا (أَوْ صَالَحَ) عَنْهُ بِمَالٍ (فَمَاتَ) مِنْ جُرْحِهِ (فَلِأَوْلِيَائِهِ الْقَسَامَةُ، وَالْقَتْلُ) فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَإِ، أَوْ لَهُمْ إمْضَاءُ الْعَفْوِ، أَوْ الصُّلْحِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإشْكَالَ، وَإِنْ ضَاقَ عَنْ الْجَمِيعِ وَجَبَ الْمَصِيرُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقُدِّمَ لِضِيقِ الثُّلُثِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ إلَخْ) أَصْلُ هَذَا الِاعْتِرَاضِ لِابْنِ غَازِيٍّ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ بَعْدَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يُضْبَطُ بِسُكُونِ الْعَيْنِ ظَرْفًا وَأَمَّا إنْ ضُبِطَ بِضَمِّ الْعَيْنِ بِصِيغَةِ الْمَاضِي فَلَا يَتَوَجَّهُ هَذَا الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ قَبْلَ السَّبَبِ) أَيْ، أَوْ بَعْدَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَتَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِ الدِّيَةِ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَصْلًا دُفِعَ لَهُ ثُلُثُهَا، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ضُمَّ لِلدِّيَةِ وَدُفِعَ ثُلُثُ الْجَمِيعِ لِلْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ، أَوْصَى بِشَيْءٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ كَدَارٍ، أَوْ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ، فَهُوَ قَوْلُهُ وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ كَدَارٍ إلَخْ يَنْبَغِي حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ دُخُولِ الْوَصِيَّةِ) أَيْ فِي ثُلُثِ الدِّيَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ هِيَ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بِثُلُثِهِ، أَوْ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْوَصِيَّةِ لِزَيْدٍ بِعَشَرَةٍ وَلِعَمْرٍو بِمِائَةٍ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إذَا عَاشَ إلَخْ شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ بِالنَّظَرِ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ، أَوْصَى بِهَا قَبْلَ السَّبَبِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا، أَوْصَى بَعْدَهُ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ فِي ثُلُثِ الدِّيَةِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُهُ فِيهِ التَّغْيِيرُ) أَيْ لِوَصِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُغَيِّرْ) أَيْ الْوَصِيَّةَ الْحَاصِلَةَ مِنْهُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ تَغْيِيرِهَا فَلَمَّا عَاشَ بَعْدَ السَّبَبِ مُدَّةً يُمْكِنُهُ فِيهَا التَّغْيِيرُ وَلَمْ يُغَيِّرْ نُزِّلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ إحْدَاثِهَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعَمْدِ) مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَتَدْخُلُ وَصَايَاهُ فِيهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ قُتِلَ عَمْدًا وَلَمْ يَعْفُ عَنْ قَاتِلِهِ وَلَهُ وَصَايَا، ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبِلَ وَرَثَتُهُ الدِّيَةَ فَإِنَّ وَصَايَاهُ لَا تَدْخُلُ فِي الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمَيِّتُ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَالْوَصَايَا لَا تَدْخُلُ إلَّا فِيمَا عُلِمَ لِلْمَيِّتِ حِينَ مَوْتِهِ قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَلَوْ أَنَّ الْمُوصِي قَالَ إنْ قَبِلَ، أَوْلَادِي الدِّيَةَ فَوَصِيَّتِي فِيهَا، أَوْ أُوصِي بِثُلُثِهَا لَمْ يَجُزْ وَلَا يَدْخُلُ شَيْءٌ مِنْ وَصَايَاهُ فِي ثُلُثِهَا لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِهَا حِينَ مَوْتِهِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَوْ قَالَ يَخْرُجُ ثُلُثِي مِمَّا عَلِمْتُ وَمِمَّا لَمْ أَعْلَمْ لَمْ يَدْخُلْ فِي ذَلِكَ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ لَمْ يَكُنْ بَلْ طَرَأَ لِلْوَارِثِ بَعْدَ الْمَوْتِ اهـ فَظَهَرَ لَك مِنْ هَذَا أَنَّ دِيَةَ الْعَمْدِ قِيلَ إنَّهَا مَالٌ مِنْ أَمْوَالِ الْمَيِّتِ وَعَدَمُ دُخُولِ الْوَصَايَا فِيهَا لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِهَا حِينَ الْمَوْتِ وَقِيلَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَالًا لَهُ، وَإِنَّمَا هِيَ إذَا قُبِلَتْ مَالٌ طَرَأَ لِلْوَرَثَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ بْن وَفِي الثَّانِي نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِهَا دَيْنُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُقْضَى بِهَا دَيْنُهُ كَمَا فِي ح وَالْمَوَّاقِ، فَالصَّوَابُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَشَارِحُنَا قَدْ جَنَحَ لِمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ حَيْثُ قَالَ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ طَرَأَ لِلْوَارِثِ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَإِنْ عَاشَ بَعْدَ الْجُرْحِ مَا يُمْكِنُهُ) أَيْ مُدَّةً يُمْكِنُهُ فِيهَا التَّعْبِيرُ لِوَصِيَّتِهِ وَلَمْ يُغَيِّرْهَا (قَوْلُهُ فَلَا دَخْلَ لِلْوَصِيَّةِ فِيهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْفُذَ مَقْتَلَهُ) أَيْ بِقَطْعِ نُخَاعٍ، أَوْ ثَقْبِ مُصْرَانٍ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْجَانِي عَمْدًا إذَا أَنْفَذَ مَقْتَلًا مِنْ مَقَاتِلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْمُوصِي بِوَصَايَا قَبْلَ الْجِنَايَةِ، ثُمَّ إنَّ، أَوْلِيَاءَهُ قَبِلُوا الدِّيَةَ مِنْ الْجَانِي وَعَلِمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْقَبُولِ وَلَمْ يُغَيِّرْ وَصَايَاهُ الْحَاصِلَةَ مِنْهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ فِي ثُلُثِ تِلْكَ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ لَهُ عِلْمٌ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَسُكُوتُهُ عَنْ تَغْيِيرِهَا مَعَ تَمَكُّنِهِ بِمَنْزِلَةِ إحْدَاثِهَا بَعْدَ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ كَإِحْدَاثِهَا) أَيْ الْوَصَايَا بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ) أَيْ لَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَلَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ أَمَّا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ فَلِأَنَّهَا مَالٌ طَرَأَ لِلْوَارِثِ إذَا قَبِلَهَا وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَلِأَنَّ الْمُوصِي لَمْ يَعْلَمْ بِكَوْنِهَا مَالًا لَهُ حِينَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الدِّيَةِ شَيْءٌ فِي ثُلُثِهِ وَلَوْ قَالَ وَلَا تَدْخُلُ وَصِيَّتُهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا كَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ: فَلَا تَدْخُلُ وَصِيَّتُهُ فِي دِيَةِ الْعَمْدِ) أَيْ بِغَيْرِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْفُذَ إلَخْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ لَيْسَتْ مِنْ مَالِهِ، وَهُوَ إنَّمَا أَرَادَ مَا لَمْ أَعْلَمْ مِنْ مَالِي، ثُمَّ إنَّ عَدَمَ الدُّخُولِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا لِابْنِ رُشْدٍ وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ مُحَمَّدٍ فَتَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِيهَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ كَمَا فِي النَّقْلِ أَيْ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ، أَوْ صَالَحَ عَنْهُ بِمَالٍ) أَيْ وَأَخَذَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَلِأَوْلِيَائِهِ الْقَسَامَةُ إلَخْ) أَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْأَوْلِيَاءِ لَا لِلْجَانِي فَإِذَا أَرَادَ الْجَانِي الرُّجُوعَ فِيمَا أُخِذَ مِنْهُ صُلْحًا وَطَلَبَ الْقَسَامَةَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ، وَالْقَوَدَ فِيهِ وَأَبَى