أَوْ بِغَيْرِهِ (وَانْدَرَجَ طَرَفٌ) كَيَدٍ وَرِجْلٍ وَعَيْنٍ فِي قَتْلِ النَّفْسِ (إنْ تَعَمَّدَهُ) الْجَانِي، ثُمَّ قَتَلَهُ، وَإِنْ كَانَ الطَّرَفُ (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ الْمَقْتُولِ كَقَطْعِ يَدِ شَخْصٍ وَفَقْءِ عَيْنِ آخَرَ وَقَتْلِ آخَرَ عَمْدًا فَيَنْدَرِجَانِ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّهَا تَأْتِي عَلَى الْجَمِيعِ وَلَا تُقْطَعُ يَدُهُ، ثُمَّ تُفْقَأُ عَيْنُهُ، ثُمَّ يُقْتَلُ (لَمْ يَقْصِدْ) الْقَاتِلُ (مُثْلَةً) بِالْمَقْتُولِ فَإِنْ قَصَدَهَا فُعِلَ بِهِ مَا فَعَلَ، ثُمَّ يُقْتَلُ فَقَوْلُهُ لَمْ يَقْصِدْ إلَخْ أَيْ بِطَرَفِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْمَقْتُولِ وَأَمَّا طَرَفُ غَيْرِهِ فَيَنْدَرِجُ وَلَوْ قَصَدَ الْمُثْلَةَ عَلَى الرَّاجِحِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إنْ تَعَمَّدَهُ عَنْ الْخَطَإِ فَإِنَّ فِيهِ الدِّيَةَ (كَالْأَصَابِعِ) تُقْطَعُ عَمْدًا تَنْدَرِجُ (فِي) قَطْعِ (الْيَدِ) عَمْدًا بَعْدَ الْأَصَابِعِ مَا لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْقِصَاصِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الدِّيَةِ وَذَكَرَ أَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ بِحَسَبِ أَمْوَالِهِمْ مِنْ إبِلٍ وَذَهَبٍ وَوَرِقٍ فَقَالَ.
(دَرْسٌ)
(وَدِيَةُ الْخَطَإِ) فِي قَتْلِ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (عَلَى الْبَادِي) هُوَ خِلَافُ الْحَاضِرِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ (مُخَمَّسَةٌ) رِفْقًا بِمُؤَدِّيهَا (بِنْتُ مَخَاضٍ وَوَلَدَا لَبُونٍ) أَيْ بِنْتُ لَبُونٍ وَابْنُ لَبُونٍ (وَحِقَّةٌ وَجَذَعَةٌ) مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْخَمْسَةِ عِشْرُونَ (وَرُبِّعَتْ فِي عَمْدٍ) لَا قِصَاصَ فِيهِ كَأَنْ يَحْصُلَ عَفْوٌ عَلَيْهَا مُبْهَمَةً، أَوْ يَعْفُوَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ مَجَّانًا فَلِلْبَاقِي نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ (بِحَذْفِ ابْنِ اللَّبُونِ) مِنْ الْأَصْنَافِ الْخَمْسَةِ فَتَكُونُ الْمِائَةُ مِنْ الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ كُلٍّ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ (وَثُلِّثَتْ) أَيْ غَلُظَتْ مُثَلَّثَةً (فِي الْأَبِ) أَيْ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَلَا، وَالْأُمُّ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ فِي الْوَالِدِ لَكَانَ أَشْمَلَ (وَلَوْ) كَانَ الْوَالِدُ (مَجُوسِيًّا) وَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا، وَالتَّثْلِيثُ فِي حَقِّهِ بِحَسَبِ دِيَتِهِ، وَهُوَ ثُلُثُ خُمُسٍ وَاتَّكَلَ الْمُصَنِّفُ فِي ذَلِكَ عَلَى وُضُوحِهِ وَمَعْرِفَتِهِ مِمَّا يَأْتِي لَهُ، فَالتَّثْلِيثُ فِيهِ جَذَعَتَانِ وَحِقَّتَانِ وَخَلِفَتَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّمِ إذَا طَلَبَ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي بِالسَّيْفِ فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الْجَانِي قَتَلَ بِالسَّيْفِ، أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ الْوُجُوهِ السَّابِقَةِ وَسَوَاءٌ قَتَلَ بِأَخَفَّ مِنْ السَّيْفِ أَمْ لَا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَائِلِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ الْجَانِي قَتَلَ بِأَخَفَّ مِنْ السَّيْفِ كَلَحْسِ فَصٍّ، وَإِلَّا فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ وَلَا يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ وَأَشْعَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ الْقَتْلَ بِمَا قَتَلَ بِهِ حَقٌّ لِوَلِيِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا لِلَّهِ فَلِذَا كَانَ لِوَلِيِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَخْتَارَ السَّيْفَ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ تَعَمَّدَهُ) أَيْ إنْ تَعَمَّدَ الطَّرَفَ أَيْ إنْ تَعَمَّدَ تَلَفَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ بِطَرَفِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَقْصِدْ مِثْلَهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَقَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ ابْنَ مَرْزُوقٍ وَالْمَوَّاقَ وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَيْدٌ فِيهِمَا وَاسْتَظْهَرَهُ بْن (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَ الْمُثْلَةَ) أَيْ بِصَاحِبِ الْأَطْرَافِ الَّتِي قَطَعَهَا (قَوْلُهُ كَالْأَصَابِعِ تُقْطَعُ عَمْدًا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ قُطِعَتْ خَطَأً فَلَا انْدِرَاجَ فَإِذَا قَطَعَ أَصَابِعَ شَخْصٍ خَطَأً، ثُمَّ قَطَعَ كَفَّهُ عَمْدًا أَخَذَ دِيَةَ الْأَصَابِعِ وَفِي الْكَفِّ حُكُومَةٌ وَأَمَّا قَوْلُ عبق تَبَعًا لتت أَخَذَ دِيَةَ الْأَصَابِعِ وَاقْتُصَّ لِلْكَفِّ فَقَدْ اعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ يَدَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ نَاقِصَةً أَكْثَرَ مِنْ الْأُصْبُعِ لَا قِصَاصَ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ النَّقْصُ بِجِنَايَةٍ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَسَوَاءٌ كَانَ الْجَانِي ثَانِيًا هُوَ الْجَانِي أَوَّلًا، أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: تَنْدَرِجُ فِي قَطْعِ الْيَدِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ يَدَ مَنْ قُطِعَتْ أَصَابِعُهُ، أَوْ يَدَ غَيْرِهِ فَإِذَا قَطَعَ أَصَابِعَ شَخْصٍ عَمْدًا، ثُمَّ قَطَعَ كَفَّهُ عَمْدًا بَعْدَ ذَلِكَ قُطِعَ الْجَانِي مِنْ الْكُوعِ، أَوْ قَطَعَ أَصَابِعَ رَجُلٍ وَيَدَ آخَرَ مِنْ الْكُوعِ وَيَدَ آخَرَ مِنْ الْمِرْفَقِ قُطِعَ لَهُمْ مِنْ الْمِرْفَقِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً،، وَإِلَّا لَمْ تَنْدَرِجْ الصُّورَتَانِ بَلْ تُقْطَعُ أَصَابِعُهُ أَوَّلًا، ثُمَّ كَفُّهُ فِي الْأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ تُقْطَعُ أَصَابِعُهُ، ثُمَّ يَدُهُ مِنْ الْكُوعِ، ثُمَّ مِنْ الْمِرْفَقِ
(قَوْلُهُ: شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الدِّيَةِ) مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَدَى بِوَزْنِ الْفَتَى، وَهُوَ الْهَلَاكُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مُسَبَّبَةٌ عَنْهُ فَسُمِّيَتْ بِاسْمِ سَبَبِهَا وَدِيَةٌ كَعِدَةٍ مَحْذُوفَةُ الْفَاءِ، وَهِيَ الْوَاوُ وَعُوِّضَ عَنْهَا هَاءُ التَّأْنِيثِ (قَوْلُهُ: فِي قَتْلِ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ) قَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لُزُومُ الْقِيمَةِ لِقَاتِلِ الرَّقِيقِ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ وَدِيَةِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ وَأَنَّ الْأُنْثَى عَلَى النِّصْفِ مِنْ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْبَادِي) أَيْ عَلَى الْقَاتِلِ الْبَادِي مِنْ أَيِّ إقْلِيمٍ كَانَ (قَوْلُهُ: مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِيَةِ إبِلٌ بَلْ خَيْلٌ مَثَلًا كُلِّفُوا بِمَا فِي حَاضِرَتِهِمْ كَمَا قَالَهُ بْن وَقِيلَ يُكَلَّفُونَ قِيمَةَ الْإِبِلِ (قَوْلُهُ: مُخَمَّسَةٌ) أَيْ تُؤْخَذُ مِنْ خَمْسَةِ أَنْوَاعٍ (قَوْلُهُ: وَرُبِّعَتْ فِي عَمْدٍ) أَيْ عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِمْ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ دِيَةَ الْعَمْدِ حَالَّةٌ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الْأَجَلُ وَقِيلَ إنَّهَا تُنَجَّمُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَدِيَةِ الْخَطَإِ وَأَمَّا إذَا صَالَحَ الْجَانِي عَلَى دَنَانِيرَ، أَوْ دَرَاهِمَ، أَوْ عُرُوضٍ فَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهَا تَكُونُ حَالَّةً كَمَا فِي بْن.
(قَوْلُهُ: مُبْهَمَةً) أَيْ بِأَنْ قَالَ الْأَوْلِيَاءُ عَفَوْنَا، أَوْ نُصَالِحُكُمْ عَلَى الدِّيَةِ وَأَمَّا إذَا قَيَّدُوا بِشَيْءٍ بِأَنْ قَالُوا عَفَوْنَا، أَوْ وَنُصَالِحُكُمْ عَلَى الدِّيَةِ مِنْ كَذَا تَعَيَّنَ أَخْذُهُ وَقَوْلُهُ كَأَنْ يَحْصُلَ إلَخْ، وَكَذَلِكَ الْعَمْدُ الَّذِي سَقَطَ فِيهِ الْقِصَاصُ لِعَدَمِ وُجُودِ مِثْلِهِ فِي الْجَانِي (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ) بِنْتُ الْمَخَاضِ وَبِنْتُ اللَّبُونِ، وَالْحِقَّةُ، وَالْجَذَعَةُ (قَوْلُهُ: وَالْأُمُّ كَذَلِكَ) أَيْ، وَإِنْ عَلَتْ مِنْ مَالِ كُلٍّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَجُوسِيًّا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْوَالِدُ الْقَاتِلُ لِوَلَدِهِ مَجُوسِيًّا وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي تَغْلِيظِهَا عَلَى الْأَبِ الْمَجُوسِيِّ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا قَتَلَ وَلَدَهُ الْمَجُوسِيَّ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا تَغْلُظُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ دِيَةَ الْمَجُوسِيِّ تُشْبِهُ الْقِيمَةَ وَأَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ أَصْحَابُنَا يَرَوْنَ أَنَّهَا تَغْلُظُ عَلَيْهِ إذَا حَكَمَ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ التَّغْلِيظِ سُقُوطُ الْقَوَدِ وَأَمَّا إذَا قَتَلَ وَلَدَهُ الْمُسْلِمَ فَإِنَّهَا تَغْلُظُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: وَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا) لَا يَحْتَاجُ لِلتَّحَاكُمِ إذَا كَانَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا بَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا، أَوْ لَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ غَيْرَ مُسْلِمٍ فَلَا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِذَلِكَ إلَّا إذَا