فَيَدْخُلَانِ فِيهِ كَمَا مَرَّ.

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْعَمْدَ لَا عَقْلَ فِيهِ مُسَمًّى، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْقَوَدُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ نَبَّهَ هُنَا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الصُّلْحُ فِيهِ بِمَا شَاءَ الْوَلِيُّ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ صُلْحُهُ) أَيْ الْجَانِي (فِي) جِنَايَةِ (عَمْدٍ) قَتْلًا كَانَ مَعَ وَلِيِّ الدَّمِ، أَوْ جُرْحًا مَعَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (بِأَقَلَّ) مِنْ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (أَوْ أَكْثَرَ) مِنْهَا حَالًّا وَلِأَجَلٍ قَرِيبٍ، أَوْ بَعِيدٍ وَبِعَيْنٍ وَعَرْضٍ وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ قَدَّمَ هَذَا فِي الصُّلْحِ بِقَوْلِهِ، وَعَنْ الْعَمْدِ بِأَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ (وَالْخَطَأُ كَبَيْعِ الدَّيْنِ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ أَيْ أَنَّ الصُّلْحَ فِي الْخَطَإِ فِي النَّفْسِ، أَوْ الْجُرْحِ حُكْمُهُ حُكْمُ بَيْعِ الدِّيَةِ؛ إذْ دِيَةُ الْخَطَإِ مَالٌ فِي الذِّمَّةِ وَمَا صُولِحَ بِهِ عَنْهَا مَالٌ مَأْخُوذٌ عَنْهَا فَيَجِبُ مُرَاعَاةُ بَيْعِ الدَّيْنِ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ ذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ وَعَكْسُهُ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُسْتَأْخِرٌ وَلَا أَحَدُهُمَا عَنْ إبِلٍ وَعَكْسُهُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَيَدْخُلُ فِي الصُّلْحِ بِأَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَبِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ مِنْ أَجَلِهَا سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَجَازَ بِمَا حَلَّ مُعَجَّلًا فِي جَمِيعِ الْأَقْسَامِ (وَلَا يَمْضِي) الصُّلْحُ مِنْ الْجَانِي خَطَأً (عَلَى عَاقِلَتِهِ) بِغَيْرِ رِضَاهَا (كَعَكْسِهِ) أَيْ لَا يَمْضِي صُلْحُ الْعَاقِلَةِ عَلَى الْجَانِي بِغَيْرِ رِضَاهُ وَيَلْزَمُ كُلًّا الصُّلْحُ فِيمَا يَنُوبُهُ (فَإِنْ) (عَفَا) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ خَطَأً قَبْلَ مَوْتِهِ (فَوَصِيَّةٌ) أَيْ، فَالْعَفْوُ كَالْوَصِيَّةِ بِالدِّيَةِ لِلْعَاقِلَةِ وَالْجَانِي، فَتَكُونُ فِي ثُلُثِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ضُمَّتْ لِمَالِهِ وَدَخَلَتْ فِي ثُلُثِ الْجَمِيعِ (وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا) الَّتِي، أَوْصَى بِهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (فِيهِ) أَيْ فِيمَا وَجَبَ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ (وَإِنْ) ، أَوْصَى (بَعْدَ سَبَبِهَا) أَيْ الدِّيَةِ وَسَبَبُهَا الْجُرْحُ، أَوْ إنْفَاذُ الْمَقَاتِلِ يَعْنِي أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ إذَا أَوْصَى بِوَصَايَا غَيْرِ الْعَفْوِ الْمَذْكُورِ أَوْ مَعَهُ، فَإِنَّ الْوَصَايَا تَدْخُلُ فِي ثُلُثِهِ وَمِنْهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْوَصَايَا بَيْنَ أَنْ يُوصِيَ بِهَا قَبْلَ سَبَبِ الدِّيَةِ، أَوْ بَعْدَهُ إلَّا أَنَّ الْمُتَوَهَّمَ إنَّمَا هِيَ الْوَصَايَا قَبْلَ السَّبَبِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِذَا مَاتَتْ بِنْتُ الْقَتِيلِ قَامَ وَرَثَتُهَا مَقَامَهَا إلَّا لِزَوْجِهَا (قَوْلُهُ فَيَدْخُلَانِ) أَيْ الزَّوْجُ، وَالزَّوْجَةُ فِيهِ

(قَوْلُهُ: وَلَمَّا قَدَّمَ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا الدُّخُولِ إلَى عَدَمِ مُعَارَضَةِ قَوْلِهِ وَجَازَ صُلْحُهُ إلَخْ لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ، فَالْقَوَدُ عَيْنًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَعَ تَرَاضِيهِمَا أَيْ الْجَانِي وَوَلِيِّ الدَّمِ وَتَعَيَّنَ الْقَوَدُ فِيمَا مَرَّ عِنْدَ عَدَمِ التَّرَاضِي (قَوْلُهُ: أَنَّ الْعَمْدَ لَا عَقْلَ فِيهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَتْلًا، أَوْ جُرْحًا، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْقَوَدُ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ الْجُرْحُ مِنْ الْمَتَالِفِ، وَإِلَّا فَلَا قَوَدَ فِيهِ بَلْ فِي الدِّيَةِ كَالْآمَّةِ، وَالدَّامِغَةِ وَمُنَقِّلَةِ الرَّأْسِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَجَازَ صُلْحُهُ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَيْ جَازَ أَنْ يُصَالِحَ الْجَانِي وَلِيَّ الدَّمِ، أَوْ الْمَجْرُوحَ فِي جِنَايَةِ الْعَمْدِ بِأَقَلَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَدَّمَ هَذَا إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَمَا هُنَا تَكْرَارٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي بَابِ الصُّلْحِ. .

(تَنْبِيهٌ)

لَوْ صَالَحَ الْجَانِي وَلِيَّ الدَّمِ عَلَى شَيْءٍ بِشَرْطِ أَنْ يَرْحَلَ مِنْ الْبَلَدِ وَلَا يَعُودُ إلَيْهَا أَصْلًا، أَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ فَأَقْوَالٌ ابْنِ كِنَانَةَ الشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ وَيُنْقَضُ وَيُرْجِعُ الدِّيَةَ كَامِلَةً وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يَنْقُضُ الصُّلْحَ وَيَقْتَصُّ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ الشَّرْطُ جَائِزٌ، وَالصُّلْحُ لَازِمٌ وَكَانَ سَحْنُونٌ يُعْجِبُهُ قَوْلَ الْمُغِيرَةِ وَيَرَاهُ حَسَنًا فَإِنْ الْتَزَمَ الْقَاتِلُ أَنَّهُ إنْ عَادَ لِلْبَلَدِ فَلَهُمْ الْقَوَدُ، أَوْ الدِّيَةُ كَانَ لَهُمْ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْبَدْرَ الْقَرَافِيَّ (قَوْلُهُ: مَالٌ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ، فَهُوَ دَيْنٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ ذَهَبٍ) أَيْ مُؤَجَّلٍ عَنْ وَرِقٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَكْسِ (قَوْلُهُ: وَلَا أَحَدِهِمَا) أَيْ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ أَحَدِهِمَا أَيْ الذَّهَبِ، أَوْ الْوَرِقِ حَالَ كَوْنِهِ مُؤَجَّلًا عَنْ إبِلٍ وَمِثْلُ أَخْذِ أَحَدِهِمَا مُؤَجَّلًا أَخْذُ عَرْضٍ مُؤَجَّلٍ عَنْ إبِلٍ (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِي الصُّلْحِ بِأَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ ضَعْ وَتَعَجَّلْ) أَيْ إذَا عَجَّلَ الْأَقَلَّ (قَوْلُهُ: وَجَازَ بِمَا حَلَّ مُعَجَّلًا إلَخْ) أَيْ وَجَازَ الصُّلْحُ عَنْ دِيَةِ الْخَطَإِ بِحَالٍّ مُعَجَّلٍ فِي جَمِيعِ الْأَقْسَامِ الْمَذْكُورَةِ فَيَجُوزُ أَخْذُ ذَهَبٍ مُعَجَّلٍ عَنْ وَرِقٍ وَعَكْسُهُ، وَكَذَا أَخْذُ أَحَدِهِمَا مُعَجَّلًا عَنْ إبِلٍ، وَالْمُرَادُ بِالتَّعْجِيلِ الدَّفْعُ بِالْفِعْلِ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحُلُولَ مِنْ غَيْرِ تَعْجِيلٍ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ دَيْنًا فَيَلْزَمُ الْمَحْذُورَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْضِي عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ مِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ وَقَوْلُهُ كَعَكْسِهِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَلْزَمُهُ مِنْهَا.

، وَالْحَاصِلُ أَنَّ صُلْحَهُ عَنْهُمْ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ دِيَةِ الْخَطَإِ لَا يَمْضِي وَصُلْحُهُمْ عَنْ الْجَانِي فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْهَا لَا يَمْضِي وَيَمْضِي صُلْحُهُمْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَنُوبُهُمْ، وَكَذَا صُلْحُهُ يَمْضِي بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَنُوبُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَفَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ خَطَأً) أَيْ عَنْ دِيَةِ الْخَطَإِ وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَا تَعْفُوا عَنْ قَاتِلِي عَمْدًا فَإِنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ فَلِأَوْلِيَائِهِ الْعَفْوُ وَلَهُمْ الْقِصَاصُ، وَإِنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ فَلَا عَفْوَ لَهُمْ قَالَهُ أَصْبَغُ وَلَوْ وَكَّلَ الْمَقْتُولُ وَكِيلًا عَلَى أَنْ يَعْفُوَ فَإِنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ، فَالْأَمْرُ لِلْأَوْلِيَاءِ، وَإِنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ، فَالْأَمْرُ لِلْوَكِيلِ فِي الْعَفْوِ كَذَا فِي الْبَدْرِ نَقْلًا عَنْ الْغِرْيَانِيِّ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: فَتَكُونُ فِي ثُلُثِهِ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَصْلًا حُطَّ عَنْ الْجَانِي، وَعَنْ عَاقِلَتِهِ ثُلُثُهَا وَدَفَعُوا لِوَرَثَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثُلُثَيْهَا (قَوْلُهُ: ضُمَّتْ لِمَالِهِ) فَإِذَا كَانَ مَالُهُ أَلْفَيْ دِينَارٍ ضُمَّتْ لَهُمَا وَحُطَّتْ عَنْ الْعَاقِلَةِ، وَالْجَانِي؛ لِأَنَّ ثُلُثَ الْجَمِيعِ يَحْتَمِلُهَا، وَإِنْ كَانَ وَمَالُهُ أَلْفًا حُطَّ عَنْهُمْ مِنْهَا ثُلُثُ الْأَلْفَيْنِ، وَهُوَ سِتُّمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ وَلَزِمَهُمْ ثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ (قَوْلُهُ وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ) أَيْ وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِي دِيَةِ الْخَطَإِ أَيْ فِي ثُلُثِهَا مُضَافًا لِثُلُثِ مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَضَمِيرُ فِيهِ عَائِدٌ عَلَى دِيَةِ الْخَطَإِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ كَمَا عَلِمْت، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الضَّمِيرَ نَظَرًا لِكَوْنِهَا أَمْرًا وَاجِبًا كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ، أَوْ نَظَرًا لِكَوْنِهَا مَالًا (قَوْلُهُ: فِيمَا وَجَبَ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ الْخَطَإِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ تُضَمُّ لِمَالِهِ وَتَصِيرُ مَالًا وَيُنْظَرُ لِثُلُثِ الْجَمِيعِ فَإِنْ حَمَلَ الدِّيَةَ الْمُوصَى بِهَا فَقَطْ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَصَايَا أُخَرُ اشْتَرَكَ الْجَمِيعُ فِي الثُّلُثِ فَإِنْ حَمَلَ الْجَمِيعَ فَلَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015