لِلْعَاصِبِ وَحْدَهُ كَمَا مَرَّ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ إلَخْ كَرَّرَهَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ، أَوْ بِبَعْضِهَا الْمُقَيِّدِ لِمَا مَرَّ كَمَا تَقَدَّمَ وَلِأَجْلِ جَمْعِ الْمَرَاتِبِ الثَّلَاثَةِ (وَمَهْمَا أَسْقَطَ) أَيْ عَفَا (الْبَعْضُ) أَيْ بَعْضُ مُسْتَحِقِّي الدَّمِ مَعَ تَسَاوِي دَرَجَتِهِمْ بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّمِ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ، أَوْ قَسَامَةٍ سَقَطَ الْقَوَدُ، وَإِذَا سَقَطَ (فَلِمَنْ بَقِيَ) مِمَّنْ لَمْ يَعْفُ وَلَهُ التَّكَلُّمُ، أَوْ هُوَ مَعَ غَيْرِهِ (نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ عَمْدٍ، وَكَذَا إذَا عَفَا جَمِيعُ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ مُتَرَتِّبًا فَلِمَنْ بَقِيَ مِمَّنْ لَا تَكَلُّمَ لَهُ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ كَوَلَدَيْنِ وَزَوْجٍ، أَوْ زَوْجَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ ثَبَتَ بِعَفْوِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَفَوْا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَلَا شَيْءَ لِمَنْ لَا تَكَلُّمَ لَهُ كَمَا إذَا كَانَ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ وَاحِدًا وَعَفَا وَشَبَّهَ فِي سُقُوطِ الْقِصَاصِ قَوْلَهُ (كَإِرْثِهِ) أَيْ الدَّمِ (وَلَوْ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ) فَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ إرْثَهُ لَهُ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا كَالْعَفْوِ مِثَالُ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَا لَوْ قَتَلَ أَحَدُ وَلَدَيْنِ أَبَاهُ فَمَاتَ غَيْرُ الْقَاتِلِ وَلَا إرْثَ لَهُ سِوَاهُ فَقَدْ وَرِثَ الْقَاتِلُ جَمِيعَ دَمِ نَفْسِهِ وَمِثَالُ مَا بَعْدَهَا مَا لَوْ كَانَ غَيْرُ الْقَاتِلِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ مَاتَ أَحَدُهُمْ فَقَدْ وَرِثَ الْقَاتِلُ بَعْضَ دَمِ نَفْسِهِ فَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ وَلِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ (وَارِثُهُ) أَيْ الْقِصَاصِ (كَالْمَالِ) أَيْ كَإِرْثِ الْمَالِ لَا كَالِاسْتِيفَاءِ فَإِذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ فَيُنَزَّلُ وَرَثَتُهُ مَنْزِلَتَهُ مِنْ غَيْرِ خُصُوصِيَّةٍ لِلْعَصَبَةِ مِنْهُمْ عَلَى ذَوِي الْفُرُوضِ فَيَرِثُهُ الْبَنَاتُ، وَالْأُمَّهَاتُ وَيَكُونُ لَهُمْ الْعَفْوُ، وَالْقِصَاصُ كَمَا لَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ عَصَبَةً؛ لِأَنَّهُمْ وَرِثُوهُ عَمَّنْ كَانَ ذَلِكَ لَهُ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ نَعَمْ لَا دَخْلَ فِي ذَلِكَ لِزَوْجَةِ وَلِيِّ الدَّمِ وَلَا لِزَوْجِ مَنْ لَهَا كَلَامٌ فَقَوْلُهُ كَالْمَالِ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمَالِ الْمَأْخُوذِ عَنْ دِيَةِ عَمْدٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَارِثِينَ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ، أَوْ قَسَامَةٍ، أَوْ كَانُوا غَيْرَ وَارِثِينَ وَلَكِنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ لَكَانَ ذَلِكَ، أَوْلَى وَعَلَيْهِ يَظْهَرُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّكْرَارِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَعَ قَوْلِهِ وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ كَأَنْ حُزْنَ الْمِيرَاثَ وَثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ؛ إذْ قَوْلُهُ وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ لَا تَكْرَارَ فِيهِ.
(قَوْلُهُ وَمَهْمَا أَسْقَطَ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي إلَى هُنَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الشَّارِحِ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى قَوْلِهِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي، ثُمَّ جَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ قَدَّرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ سَقَطَ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِسْقَاطِ يَعْنِي الْعَفْوَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَلِمَنْ بَقِيَ إلَخْ فَلَا يَتَرَتَّبُ إلَّا عَلَى السُّقُوطِ وَحِينَئِذٍ، فَهُوَ جَوَابٌ لِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ التَّكَلُّمُ، أَوْ هُوَ مَعَ غَيْرِهِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَفَا سَقَطَ حَقَّهُ مِنْ الدَّمِ وَمِنْ الدِّيَةِ وَمَا بَقِيَ مِنْهَا يَكُونُ لِمَنْ بَقِيَ مِمَّنْ لَهُ التَّكَلُّمُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ كَالزَّوْجِ، أَوْ الزَّوْجَةِ، وَالْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ عَفَا أَحَدُ ابْنَيْنِ سَقَطَ حَظُّهُ مِنْ الدِّيَةِ وَبَقِيَّتُهَا لِمَنْ بَقِيَ تَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجَةُ وَغَيْرُهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا عَفَا إلَخْ) كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ بَنُونَ وَبَنَاتٌ وَزَوْجٌ، أَوْ زَوْجَةٌ فَعَفَا بَعْضُ الْبَنِينَ، ثُمَّ بَلَغَ مَنْ بَقِيَ مِمَّنْ لَهُ التَّكَلُّمُ فَعَفَا فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ مَنْ مَعَهُمْ مِنْ أَخَوَاتِهِمْ، وَالزَّوْجِ، أَوْ الزَّوْجَةِ.
(قَوْلُهُ: كَوَلَدَيْنِ وَزَوْجٍ) أَيْ فَعَفَا أَحَدُ الْوَالِدَيْنِ، ثُمَّ عَفَا أَخُوهُ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ مَنْ مَعَهُمَا مِنْ الزَّوْجَةِ، أَوْ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ عَفَوَا) أَيْ جَمِيعُ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا كَانَ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ وَاحِدًا إلَخْ) وَكَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ بَنُونَ وَبَنَاتٌ وَزَوْجٌ، أَوْ زَوْجَةٌ فَعَفَا الْبَنُونَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَيَسْقُطُ حَقُّ الْبَنَاتِ، وَالزَّوْجِ، أَوْ الزَّوْجَةِ مِنْ الدِّيَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْصِيلِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ الْإِسْقَاطُ مَجَّانًا أَمَّا إذَا وَقَعَ عَلَى مَالٍ فَلِمَنْ بَقِيَ مِنْ الْوَرَثَةِ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَكَلُّمٌ سَوَاءٌ وَقَعَ الْإِسْقَاطُ مِنْ بَعْضِهِمْ، أَوْ مِنْ كُلِّهِمْ مُتَرَتِّبًا أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قِسْطًا) أَيْ هَذَا إذَا وَرِثَ دَمَ نَفْسِهِ كُلَّهُ بَلْ وَلَوْ وَرِثَ قِسْطًا أَيْ جُزْءًا مِنْهُ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ وَرِثَ الْقَاتِلَ أَحَدُ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ بَطَلَ قَوَدُهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْ دَمِهِ حِصَّةً وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ عَنْ الْجَانِي إذَا وَرِثَ جُزْءًا مِنْ دَمِ نَفْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ مَنْ بَقِيَ يَسْتَقِلُّ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ بِالْعَفْوِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَاقِي لَا يَسْتَقِلُّ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ بِالْعَفْوِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْعَفْوِ مِنْ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَيْهِ وَكُلُّ مَنْ طَلَبَ الْقَتْلَ فَإِنَّهُ يُجَابُ فَلَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ عَنْ الْجَانِي الْوَارِثِ لِجُزْءٍ مِنْ دَمِهِ كَمَنْ قَتَلَ أَخَاهُ شَقِيقَهُ وَتَرَكَ الْمَقْتُولُ بِنْتَيْنِ وَثَلَاثَةَ إخْوَةٍ أَشِقَّاءَ غَيْرَ الْقَاتِلِ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ وَلَا وَارِثَ لَهُ إلَّا إخْوَتَهُ الثَّلَاثَةَ الْقَاتِلَ، وَالْأَخَوَيْنِ فَقَدْ وَرِثَ الْقَاتِلُ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ وَلَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنْهُ حَتَّى يَعْفُوَ الْبَنَاتُ، وَالْإِخْوَةُ الْبَاقُونَ، أَوْ الْبَعْضُ مِنْ كُلٍّ وَقَدْ رَدَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَشْهَبَ بِلَوْ وَمُقْتَضَى رَدِّهِ عَلَيْهِ أَنَّ كَلَامَ أَشْهَبَ خِلَافٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنَّ كَلَامَهُ بَاقٍ عَلَى إطْلَاقِهِ لَا أَنَّهُ وِفَاقٌ لَهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ مَاتَ أَحَدُهُمْ) أَيْ وَلَا وَارِثَ لَهُ إلَّا إخْوَتَهُ (قَوْلُهُ: فَإِذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ) أَيْ كَابْنِ الْمَقْتُولِ، أَوْ أَخِيهَا وَعَمِّهِ.
(قَوْلُهُ: وَيَكُونُ لَهُنَّ الْعَفْوُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَعَهُمْ ذُكُورٌ فِي دَرَجَتِهِنَّ فَلَيْسَ بَنَاتُ وَلِيِّ الدَّمِ كَبَنَاتِ الْقَتِيلِ (قَوْلُهُ: هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ لِإِرْثِ الْقِصَاصِ كَإِرْثِ الْمَالِ وَقَالَ أَشْهَبُ إرْثُ الْقِصَاصِ كَالِاسْتِيفَاءِ فَإِذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ فَاَلَّذِي يَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ إنَّمَا هُوَ عَصَبَتُهُ فَيَكُونُ لَهُمْ الْعَفْوُ وَالْقِصَاصُ، وَأَمَّا بَنَاتُهُ وَأُمَّهَاتُهُ فَلَا كَلَامَ لَهُنَّ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِزَوْجَةِ وَلِيِّ الدَّمِ) أَيْ فَإِذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ قَامَ وَرَثَتُهُ مَقَامَهُ إلَّا زَوْجَتَهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا لِزَوْجِ إلَخْ)