(لَا لَحْمًا) وَهُوَ مَا عَبَّرَ عَنْهُ قَبْلُ بِالْأَرْطَالِ فَلَا يَضْمَنُهُ كَاسْتِثْنَاءِ الْجُزْءِ لِتَفْرِيطِ الْبَائِعِ فِي طَلَبِهِ بِالذَّبْحِ وَجَبْرِهِ عَلَيْهِ.
(و) جَازَ بَيْعُ (جُزَافٍ) مُثَلَّثُ الْجِيمِ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لِجَوَازِهِ سَبْعَةَ شُرُوطٍ بِقَوْلِهِ (إنْ رُئِيَ) حَالُ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ وَاسْتَمَرَّا عَلَى الْمَعْرِفَةِ لِوَقْتِ الْعَقْدِ وَكَفَّتْ رُؤْيَةُ بَعْضِهِ الْمُتَّصِلُ بِهِ كَمَا فِي مَغِيبِ الْأَصْلِ وَكَصُبْرَةٍ فَيَكْفِي رُؤْيَةُ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَحَلُّ شَرْطِ الرُّؤْيَةِ مَا لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهَا تَلَفُ الْمَبِيعِ كَقِلَالِ خَلٍّ مُطَيَّنَةٍ يُفْسِدُهَا فَتْحُهَا وَإِلَّا جَازَتْ إنْ كَانَتْ مَمْلُوءَةً أَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي قَدْرَ نَقْصِهَا، وَلَوْ مِنْ إخْبَارِ الْبَائِعِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ صِفَةٍ مَا فِيهَا مِنْ الْخَلِّ (وَلَمْ يُكْثِرْ) الْمَبِيعَ (جِدًّا) أَيْ أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا لَا جِدًّا، فَإِنْ كَثُرَ جِدًّا بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ حَزَرَهُ أَوْ قَلَّ جِدًّا بِحَيْثُ يَسْهُلُ عَدُّهُ لَمْ يَجُزْ جُزَافًا، وَأَمَّا مَا قَلَّ جِدًّا مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا (وَجَهِلَاهُ) يُحْتَرَزُ بِهِ عَمَّا إذَا عَلِمَهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ لَا عَمَّا إذَا عَلِمَاهُ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ جُزَافًا (وَحَزَرَاهُ) أَيْ الْمَبِيعُ جُزَافًا بِالْفِعْلِ (وَاسْتَوَتْ أَرْضُهُ) شَرْطُ صِحَّةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمٍ أَوْ ظَنِّ الِاسْتِوَاءِ وَإِلَّا فَسَدَ ثُمَّ إنْ وُجِدَ الِاسْتِوَاءُ فِي الْوَاقِعِ لَزِمَ وَإِلَّا، فَإِنْ ظَهَرَ فِي الْأَرْضِ عُلُوٌّ فَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَانْخِفَاضٌ فَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ (وَلَمْ يَعُدْ بِلَا مَشَقَّةٍ) بِأَنْ عُدَّ بِمَشَقَّةٍ وَنَبَّهَ بِلَفْظِ الْعَدِّ عَلَى أَنَّ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ يُبَاعُ كُلٌّ جُزَافًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِثْلِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ دِرْهَمَيْنِ وَكَانَتْ الشَّاةُ تُبَاعُ بِلَا جِلْدٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِسُدُسِ قِيمَةِ الشَّاةِ كَمَنْ بَاعَ شَاةً بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَعَرْضٍ قِيمَتُهُ دِرْهَمَانِ فَاسْتَحَقَّ الْعَرْضَ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ وَقَدْ فَاتَتْ الشَّاةُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَهَذَا بَيِّنٌ لَا إشْكَالَ فِيهِ اهـ قُلْتُ وَقَدْ نَقَلَ كَلَامَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ مُحْرِزٍ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَبِلُوهُ فَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالضَّمَانِ، فَقَوْلُ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَلَهُ دَفْعُ مِثْلِهِمَا أَوْ قِيمَتِهِمَا خِلَافُهُ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: لَا لَحْمًا) أَيْ فَلَا يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي لِتَفْرِيطِ الْبَائِعِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَهَذَا مَا لَمْ يَأْكُلْهَا الْمُشْتَرِي وَإِلَّا ضَمِنَ مِثْلَ الْأَرْطَالِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ جُزَافٍ) الْجُزَافُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَهُوَ بَيْعُ الشَّيْءِ بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَلَا عَدَدٍ وَالْأَصْلُ مَنْعُهُ وَلَكِنَّهُ خُفِّفَ فِيمَا شُقَّ عِلْمُهُ مِنْ الْمَعْدُودِ أَوْ قَلَّ جَهْلُهُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إذْ لَا تُشْتَرَطُ الْمَشَقَّةُ فِيهِمَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إنْ رُئِيَ حَالَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ وَاسْتَمَرَّا إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْجُزَافِ الْحُضُورُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ زَرْعًا قَائِمًا أَوْ صُبْرَةَ طَعَامٍ أَوْ غَيْرَهُمَا، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الرُّؤْيَةُ بِالْبَصَرِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُقَارِنَةً لِلْعَقْدِ أَوْ سَابِقَةً عَلَيْهِ وَعَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ يُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ الْجُزَافِ كُلِّهِ أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا حِينَ الْعَقْدِ، لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الزَّرْعُ الْقَائِمُ وَالثِّمَارُ فِي رُءُوسِ الْأَشْجَارِ فَقَدْ اُغْتُفِرَ فِيهِمَا عَدَمُ الْحُضُورِ إنْ تَقَدَّمَتْ الرُّؤْيَةُ وَبِالثَّانِي قَرَّرَ ح كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فَقَالَ: مُرَادُهُمْ بِالْمَرْئِيِّ الْحَاضِرُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَيَلْزَمُ مِنْ حُضُورِهِ رُؤْيَتُهُ أَوْ رُؤْيَةُ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ لَا يُكْتَفَى فِيهِ بِالصِّفَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَّا لِعُسْرِ الرُّؤْيَةِ كَقِلَالِ الْخَلِّ الْمَخْتُومَةِ إذَا كَانَ فِي فَتْحِهَا مَشَقَّةٌ وَفَسَادٌ فَيَجُوزُ بَيْعُهَا بِدُونِ فَتْحٍ هَذَا مُحَصِّلُ كَلَامِهِ فَحُمِلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ رُئِيَ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحُضُورِ، وَأُخِذَ مِنْهُ شَرْطُ الرُّؤْيَةِ بِاللُّزُومِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَاسْتَمَرَّا) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرِفَةِ أَيْ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ) أَيْ عَدَمُ رُؤْيَتِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَثُرَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَا كَثُرَ جِدًّا يَمْنَعُ بَيْعَهُ جُزَافًا سَوَاءٌ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا لِتَعَذُّرِ حَزْرِهِ وَمَا كَثُرَ لَا جِدًّا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا مَكِيلًا كَانَ أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا لِإِمْكَانِ حَزْرِهِ، وَأَمَّا مَا قَلَّ جِدًّا يُمْنَعُ بَيْعُهُ جُزَافًا إنْ كَانَ مَعْدُودًا؛ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ فِي عِلْمِهِ بِالْعَدَدِ وَيُحْزَرُ إنْ إنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَيْ وَجَهِلَا قَدْرَ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ، وَلَوْ كَانَ لَا مَشَقَّةَ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ (قَوْلُهُ: وَجَهِلَاهُ) أَيْ وَجَهِلَ الْمُتَبَايِعَانِ قَدْرَ ذَلِكَ الْمَبِيعِ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ (قَوْلُهُ: عَمَّا إذَا عَلِمَهُ أَحَدُهُمَا قَطُّ) أَيْ فَإِذَا عَلِمَ أَحَدُهُمَا قَدْرَهُ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا وَجَهْلُهُ الْآخَرُ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ سَوَاءٌ عَلِمَ صَاحِبُهُ بِعِلْمِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلِمَ قَصَدَ خَدِيعَةَ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ لَكِنْ إنْ أَعْلَمَهُ حَالَ الْعَقْدِ بِعِلْمِهِ بِقَدْرِهِ فَسَدَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَحَزَرَاهُ بِالْفِعْلِ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِمَا مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ بِأَنَّ اعْتَادَاهُ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ، فَلَوْ وَكَّلَا مَنْ يَحْزِرُهُ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ كَفَى كَانَا مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ أَمْ لَا فَالشَّرْطُ حَزْرُ الْمَبِيعِ بِالْفِعْلِ مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ كَانَ الْحَزْرُ مِنْهُمَا أَوْ مِمَّنْ وَكَّلَاهُ (قَوْلُهُ: وَاسْتَوَتْ أَرْضُهُ) أَيْ فِي عِلْمِهِمَا أَوْ ظَنِّهِمَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَسَدَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا عَدَمَ الِاسْتِوَاءِ فَسَدَ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعُدْ بِلَا مَشَقَّةٍ) سَالِبَةٌ مَعْدُولَةُ الْمَحْمُولِ أَيْ جُعِلَ فِيهَا السَّلْبُ جُزْءًا مِنْ مَدْخُولِهِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهَا لَا تَقْتَضِي وُجُودَ الْمَوْضُوعِ وَحِينَئِذٍ فَمَنْطُوقُهَا صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ يُعَدُّ بِمَشَقَّةٍ وَبِكَوْنِهِ لَا يُعَدُّ أَصْلًا بِأَنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ مَشَقَّةٌ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الشَّارِحَ لَوْ ذَكَرَ هَذَا وَأَسْقَطَ قَوْلَهُ: وَنَبَّهَ بِلَفْظِ الْعَدِّ لَكَانَ صَوَابًا، وَقَوْلُ عبق وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَلَمْ يُعَدَّ بِلَا مَشَقَّةٍ بِأَنْ عُدَّ بِمَشَقَّةٍ وَهَذَا مَنْطُوقُهُ لِأَنَّ نَفْيَ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ مَنْطُوقَهُ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ أَنْ يُعَدَّ بِمَشَقَّةٍ، وَأَنْ لَا يُعَدَّ أَصْلًا لِكَوْنِهِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ مَشَقَّةٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْدُودَ لَا يُبَاعُ جُزَافًا إلَّا إذَا -