وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَشَقَّةً (وَلَمْ تُقْصَدُ أَفْرَادُهُ) أَيْ آحَادُهُ وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ الشَّرْطِ قَبْلَهُ أَيْ فَإِنْ كَانَ فِي عَدِّهِ مَشَقَّةٌ جَازَ بَيْعُهُ جُزَافًا إلَّا أَنْ تَقْصِدَ أَفْرَادُهُ بِالثَّمَنِ كَالْعَبِيدِ وَالثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدِّهِ (إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهُ) أَيْ ثَمَنُ أَفْرَادِهِ فَيَجُوزُ كَبِيضٍ وَتُفَّاحٍ وَرُمَّانٍ وَبِطِّيخٍ وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِ الْجُزَافِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَهُ مَعَ مَكِيلٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي.
ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ بَعْضِ الشُّرُوطِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَفَاءِ فَقَالَ (لَا غَيْرَ مَرْئِيٍّ) بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى مَحَلِّ إنْ رُئِيَ إذْ هُوَ فِي مَحَلِّ الصِّفَةِ لِجُزَافٍ أَيْ جُزَافٍ مَرْئِيٍّ لَا غَيْرَ مَرْئِيٍّ (وَإِنْ) كَانَ غَيْرَ الْمَرْئِيِّ (مِلْءَ ظَرْفٍ) فَارِغٍ كَقُفَّةٍ يَمْلَؤُهَا مِنْ حِنْطَةٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ قَارُورَةٍ يَمْلَؤُهَا زَيْتًا بِدِرْهَمٍ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُمَا بَيْعُ مِلْئِهِ جُزَافًا بَلْ (وَلَوْ) كَانَ الظَّرْفُ مَمْلُوءًا أَوَّلًا فَاشْتَرَى مَا فِيهِ جُزَافًا بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَمْلَأَهُ (ثَانِيًا) مِنْ ذَلِكَ الْمَبِيعِ (بَعْدَ تَفْرِيغِهِ) بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ غَيْرُ مَرْئِيٍّ حَالَ الْعَقْدِ وَلَيْسَ الظَّرْفُ بِمِكْيَالٍ مَعْلُومٍ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ (فِي كَسَلَّةِ تِينٍ) وَعِنَبٍ وَقِرْبَةِ مَاءٍ وَجَرَّارِهِ وَنَحْوَهَا مِمَّا جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّ ضَمَانَهُ مِنْ بَائِعِهِ إذَا تَلِفَ قَبْلَ تَفْرِيغِهِ فَيَجُوزُ شِرَاءُ مِلْئِهِ فَارِغًا وَمِلْئِهِ ثَانِيًا بَعْدَ تَفْرِيغِهِ بِدِرْهَمِ مَثَلًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ السَّلَّةَ وَنَحْوَهَا بِمَنْزِلَةِ الْمِكْيَالِ الْمَعْلُومِ وَالسَّلَّةُ بِفَتْحِ السِّينِ الْإِنَاءُ الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ الزَّبِيبُ وَالتِّينُ وَنَحْوَهُمَا ثُمَّ عُطِفَ عَلَى غَيْرِ مَرْئِيٍّ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ مُشَارِكَةٌ لَهُ فِي الْمَنْعِ الْأَوَّلَانِ مِنْهَا مُحْتَرِزًا وَحُزِرَ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ مُحْتَرِزٌ لَمْ تُقْصَدْ أَفْرَادُهُ.
أَحَدُهَا قَوْلُهُ (و) لَا (عَصَافِيرِ) وَنَحْوَهَا مِمَّا يَتَدَاخَلُ مِنْ الطَّيْرِ كَحَمَامٍ وَصِغَارِ دَجَاجٍ (حَيَّةٌ) لِعَدَمِ تَيَسُّرِ حَزْرِهِ بِخِلَافِ الْمَذْبُوحَةِ فَيَجُوزُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ فِي عَدِّهِ مَشَقَّةٌ بِخِلَافِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، فَإِنَّهُ يُبَاعُ كُلٌّ مِنْهُمَا جُزَافًا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَشَقَّةٌ فِي كَيْلِهِ وَوَزْنِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا مَظِنَّةٌ لِلْمَشَقَّةِ لِاحْتِيَاجِهِمَا لِآلَةٍ وَتَحْرِيرٍ لَا يَتَأَتَّى لِكُلِّ النَّاسِ بِخِلَافِ الْعَدِّ لِتَيَسُّرِهِ لِغَالِبِ النَّاسِ فَالْجُزَافُ يَتَعَلَّقُ بِكُلِّ مِنْ الثَّلَاثَةِ لَكِنْ بِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ فِي الْمَعْدُودِ وَخَمْسَةٍ فِي غَيْرِهِ بِإِسْقَاطٍ وَلَمْ يُعَدُّ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَمْ تُقْصَدُ أَفْرَادُهُ؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ مُخْتَصَّانِ بِالْمَعْدُودِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَشَقَّةٌ) أَيْ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى إلَخْ) أَيْ وَمَفْهُومُ هَذَا الشَّرْطِ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ مَنْطُوقِ الشَّرْطِ قَبْلَهُ لَا إنْ مَنْطُوقُ هَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِمَّا قَبْلَهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ مِنْ تَقْرِيرِهِ وَزَادَ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ كَالْمُسْتَثْنَى لِعَدَمِ أَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِهَذَا الشَّرْطِ بِهَذَا الْحُكْمِ بَلْ كُلُّ شَرْطٍ هُوَ بِاعْتِبَارِ مَفْهُومِهِ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ مَنْطُوقِ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الشَّرْطِ تَقْتَضِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تُقْصَدَ أَفْرَادُهُ) أَيْ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَفْرَادُهُ مَقْصُودَةٌ وَكَانَ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا كَثِيرًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا، فَإِنْ قَلَّ التَّفَاوُتُ جَازَ وَهُوَ قَوْلُهُ: بَعْدُ إلَّا أَنْ يَقِلَّ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهُ) أَيْ ثَمَنُ أَفْرَادِ مَا تُقْصَدَ أَفْرَادُهُ بِأَنْ كَانَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ أَفْرَادِهِ قَلِيلًا وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ أَيْ فَإِنْ قُصِدَتْ أَفْرَادُهُ فَلَا يُبَاعُ جُزَافًا وَلَا بُدَّ مِنْ عَدِّهِ إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُ تِلْكَ الْأَفْرَادِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ حِينَئِذٍ بَيْعُهُ جُزَافًا وَلَا يَكُونُ قَصْدُ الْإِفْرَادِ مُضِرًّا فِي بَيْعِهِ جُزَافًا فَعَلِمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَا يُبَاعُ جُزَافًا إمَّا أَنْ يُعَدَّ بِمَشَقَّةٍ أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تُقْصَدَ أَفْرَادُهُ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهَا أَمْ لَا فَمَتَى عُدَّ بِلَا مَشَقَّةٍ لَمْ يَجُزْ جُزَافًا قُصِدَتْ أَفْرَادُهُ أَمْ لَا قَلَّ ثَمَنُهَا أَمْ لَا وَمَتَى عُدَّ بِمَشَقَّةٍ، فَإِنْ لَمْ تُقْصَدْ أَفْرَادُهُ جَازَ بَيْعُهُ جُزَافًا قَلَّ ثَمَنُهَا أَمْ لَا وَإِذَا قَصَدْت جَازَ جُزَافًا إنْ قَلَّ ثَمَنُهَا وَمُنِعَ إنْ لَمْ يَقِلَّ فَالْمَنْعُ فِي خَمْسَةِ أَحْوَالٍ وَالْجَوَازُ فِي ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ: وَبِطِّيخٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ: لَعَلَّ الْمُرَادَ بِطِّيخٌ كُلُّهُ كَبِيرٌ أَوْ كُلُّهُ صَغِيرٌ لَا مَا بَعْضُهُ صَغِيرٌ وَبَعْضُهُ كَبِيرٌ وَهَذَا التَّرَجِّي قُصُورٌ قَالَ فِي الْقُبَابِ مَا نَصُّهُ وَالْجَوَازُ فِي الْمَعْدُودِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا تَحَقَّقَتْ الْمَشَقَّةُ فِي عَدَدِهِ لِكَثْرَتِهِ وَتَسَاوِي أَفْرَادُهُ كَالْجَوْزِ وَالْبِيضِ أَوْ يَكُونُ الْمَقْصُودُ مَبْلَغُهُ لَا آحَادَهُ كَالْبِطِّيخِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْجُزَافُ فِيهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ آحَادُهُ وَالنُّصُوصُ بِذَلِكَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَبَقِيَ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا عَدَمُ الدُّخُولِ عَلَيْهِ فَقِيلَ: إنَّهُ شَرْطٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَدْفَعَ دِرْهَمًا لِعَطَّارٍ لِيُعْطِيَك بِهِ شَيْئًا مِنْ الْأَبْزَارِ مِنْ غَيْرِ وَزْنٍ وَلَا لِفَوَّالٍ لِيَدْفَعَ لَك بِهَا فُولًا حَارًّا أَوْ مُدَمَّسًا وَلَا أَنْ تَأْتِيَ لِجَزَّارٍ وَتَتَّفِقَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يُكَوِّمَ لَك كَوْمًا مِنْ اللَّحْمِ لِتَشْتَرِيَهُ جُزَافًا بَلْ لَا بُدَّ فِي الْجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مُجْزِفًا عِنْدَهُ قَبْلَ طَلَبِك وَأَنْ تَرَاهُ عِنْدَ الشِّرَاءِ وَقِيلَ: إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ الدُّخُولِ عَلَيْهِ بَلْ يَجُوزُ الدُّخُولُ عَلَيْهِ وَهُوَ فُسْحَةٌ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا هَذَا الْقَوْلَ الثَّانِيَ
(قَوْلُهُ: لَا غَيْرَ مَرْئِيٍّ) أَيْ لَا غَيْرَ مُبْصَرٍ حِينَ الْعَقْدِ وَلَا قَبْلَهُ، وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ الْمُرَادُ لَا غَيْرَ حَاضِرٍ، وَلَوْ أُبْصِرَ قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى مَا مَرَّ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَهُ مَنْعُ بَيْعِ غَيْرِ الْمَرْئِيِّ، وَلَوْ بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ لِلْخُرُوجِ عَنْ الرُّخْصَةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لَا غَيْرَ مَرْئِيٍّ جَوَازُ الْخَلِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّؤْيَةِ الرُّؤْيَةُ بِالْبَصَرِ وَثَمَرِ الْحَائِطِ وَالزَّرْعِ الْقَائِمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْحُضُورُ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُمَا بَيْعُ مِلْئِهِ جُزَافًا) أَيْ بَلْ دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حُصُولِ مِلْئِهِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَرْئِيٍّ حَالَ الْعَقْدِ) أَيْ وَلَا قَبْلَهُ، وَإِنْ رُئِيَ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) كَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا فِي كَسَلَّةِ تِينٍ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمُبَالَغَتَيْنِ مَعًا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ صَدْرَ كَلَامِ عبق مِنْ رُجُوعِهِ لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ
(قَوْلُهُ: مِمَّا يَتَدَاخَلُ مِنْ الطَّيْرِ) أَيْ مِمَّا -