الْمُبَاحِ الْمُشْرِفِ وَلَمْ يَبْلُغْ حَدَّ السِّيَاقِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ لِإِمْكَانِ ذَكَاتِهِ لَكِنْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ جَوَازَ بَيْعِ مَا لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ السِّيَاقِ، وَلَوْ مُحَرَّمًا لِإِمْكَانِ حَيَاتِهِ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ فِي بَحْثِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَمَّا الْبَالِغُ حَدَّ السِّيَاقِ فَلَا.
(و) شُرِطَ لَهُ (عَدَمُ نَهْيٍ) مِنْ الشَّارِعِ عَنْ بَيْعِهِ (لَا كَكَلْبِ صَيْدٍ) وَحِرَاسَةٍ وَأَوْلَى غَيْرُهُمَا وَيَجُوزُ اتِّخَاذُهُ لَهُمَا.
(وَجَازَ هِرٌّ وَسَبْعٌ) أَيْ بَيْعُهُمَا جَوَازًا مُسْتَوِيًا (لِلْجِلْدِ) أَيْ لِأَخْذِهِ، وَأَمَّا لِلَحْمٍ فَقَطْ أَوْ لَهُ وَلِلْجِلْدِ فَمَكْرُوهٌ ثُمَّ إذَا ذَكَّى بِقَصْدِ أَخْذِ الْجِلْدِ فَقَطْ لَمْ يُؤْكَلْ لَحْمُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الذَّكَاةَ تَتَبَعَّضُ لِنَجَاسَتِهِ بِعَدَمِ تَعَلُّقِ الذَّكَاةِ بِهِ وَعَلَى أَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيُؤْكَلُ، وَأَمَّا الْجِلْدُ فَيُؤْكَلُ عَلَى كُلِّ حَالٍّ.
(وَحَامِلٌ مُقَرَّبٌ) آدَمِيَّةٌ أَوْ دَابَّةٌ أَيْ جَازَ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ السَّلَامَةُ وَمُقْرِبٌ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَقْرَبَتْ الْحَامِلُ إذَا قَرُبَ وَضْعُهَا.
(و) شُرِطَ لَهُ (قُدْرَةٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَتَسَلُّمِهِ (لَا كَآبِقٍ) حَالَ إبَاقِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ مَنْ لَا يَسْهُلُ خَلَاصُهُ مِنْهُ أَوْ عِنْدَ مَنْ يَسْهُلُ خَلَاصُهُ مِنْهُ وَلَمْ تُعْلَمْ صِفَتُهُ وَإِلَّا جَازَ إذْ هُوَ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (و) لَا (إبِلٍ) وَبَقَرٍ (أُهْمِلَتْ) أَيْ تُرِكَتْ فِي الْمَرْعَى حَتَّى تَوَحَّشَتْ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا إلَّا بِعُسْرٍ.
(و) لَا (مَغْصُوبٍ) لِغَيْرِ غَاصِبِهِ حَيْثُ كَانَ الْغَاصِبُ لَا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ أَوْ تَأْخُذُهُ وَهُوَ مُنْكِرٌ، وَلَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ لِمَنْعِ شِرَاءِ مَا فِيهِ خُصُومَةٌ، فَإِنْ كَانَ مُقِرًّا جَازَ (إلَّا) أَنْ يَبِيعَهُ (مِنْ غَاصِبِهِ) أَيْ لَهُ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مُسَلَّمٌ بِالْفِعْلِ لِلْمُشْتَرِي (وَهَلْ) مَحَلُّ جَوَازِ بَيْعِهِ لِغَاصِبِهِ (إنْ رُدَّ لِرَبِّهِ) وَبَقِيَ عِنْدَهُ (مُدَّةً) هِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ كَمَا قِيلَ أَوْ لَا يَشْتَرِطُ الرَّدُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى رَدِّهِ جَازَ اتِّفَاقًا أَوْ غَيْرُ عَازِمٍ مُنِعَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ أُشْكِلَ الْأَمْرُ فَقَوْلَانِ مَشْهُورُهُمَا الْجَوَازُ (تَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَانِ أَرْجَحُهُمَا الثَّانِيَةُ.
(وَلِلْغَاصِبِ) إذَا بَاعَ الْمَغْصُوبُ قَبْلَ مِلْكِهِ مِنْ رَبِّهِ (نُقِضَ) بَيْعُ (مَا بَاعَهُ) أَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ يُوقِفُهُ (إنْ وَرِثَهُ) مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِانْتِقَالِ مَا كَانَ لِمُورِثِهِ لَهُ (لَا) إنْ (اشْتَرَاهُ) مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ أَيْ أَوْ مَلَكَهُ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ النَّقْضُ.
(وَوَقْفُ مَرْهُونٍ) بَاعَهُ مَالِكُهُ الرَّاهِنُ بَعْدَ حَوْزِهِ أَيْ وَقَفَ بَيْعَهُ (عَلَى رِضَا مُرْتَهِنِهِ) فَلَهُ الْإِجَازَةُ وَتَعَجُّلُ دِينِهِ وَالرَّدُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لَكِنْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ) هُوَ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلَهُ وَالْمُصَنِّفُ) أَيْ حَيْثُ قَيَّدَ الْمُشَرَّفَ بِالْمُحَرَّمِ (قَوْلُهُ: فِي بَحْثِهِ) أَيْ اسْتِظْهَارِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا) أَيْ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُحَرَّمَ الْأَكْلِ أَوْ مُبَاحَهُ
(قَوْلُهُ: لَا كَكَلْبِ صَيْدٍ) أَيْ لِأَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِهِ فَفِي الْحَدِيثِ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ» وَقَوْلُهُ: وَكَكَلْبِ صَيْدٍ أَيْ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ حَيْثُ قَالَ: أَبِيعُهُ وَأَحُجُّ بِثَمَنِهِ، وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ مُبَاحُ الِاتِّخَاذِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ كَلْبَ صَيْدِ أَوْ حِرَاسَةً، وَأَمَّا قَوْلُ التُّحْفَةِ:
وَاتَّفَقُوا أَنَّ كِلَابَ الْمَاشِيَهْ ... يَجُوزُ بَيْعُهَا كَكَلْبِ الْبَادِيَهْ
فَقَدْ انْتَقَدَ وَلَدُهُ عَلَيْهِ فِي شَرْحِهِ حِكَايَةَ الِاتِّفَاقِ فِي كَلْبِ الْحِرَاسَةِ بَلْ الْخِلَافُ فِيهِ مِثْلُ كَلْبِ الصَّيْدِ
(قَوْلُهُ: لِلْجِلْدِ) الصَّوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ لِلْجِلْدِ قَيْدٌ فِي بَيْعِ السَّبُعِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْهِرُّ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ لِيُنْتَفَعَ بِهِ حَيًّا وَلِلْجِلْدِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ شَرْحُ الْمَوَّاقِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ اهـ بْن
(قَوْلُهُ: وَحَامِلٌ مُقَرَّبٌ) وَمِثْلُهَا ذُو الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ مَا ذَكَرَ نَقَلَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ وَابْنُ رُشْدٍ عَنْ الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ سَلْمُونٍ بِأَنَّهُ الْأَصَحُّ وَنَقَلَ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَنْعَ بَيْعِ ذِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْحَامِلِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ
(قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى تَسْلِيمِهِ) أَيْ عَلَى تَسْلِيمِ الْبَائِعِ لَهُ وَعَلَى تَسَلُّمِ الْمُشْتَرِي لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُعْلَمْ صِفَتُهُ) مُنِعَ الْبَيْعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِلْجَهْلِ بِصِفَتِهِ لَا لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ الَّذِي هُوَ الْمَوْضُوعُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ) نَحْوُهُ لِلْمُتَيْطِيِّ وَنَصُّهُ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْعَبْدِ الْآبِقِ إذَا عَلِمَ الْمُبْتَاعُ مَوْضِعَهُ وَصِفَتَهُ وَكَانَ عِنْدَ مَنْ يَسْهُلُ خَلَاصُهُ مِنْهُ، فَإِنْ وَجَدَ هَذَا الْآبِقَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي عَلِمَهَا الْمُبْتَاعُ قَبَضَهُ وَصَحَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ وَجَدَهُ قَدْ تَغَيَّرَ أَوْ تَلِفَ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَيَسْتَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ الثَّمَنَ اهـ بْن
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْغَاصِبُ الَّذِي تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ مُقِرًّا (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ بَيْعُهُ لِلْغَاصِبِ مِنْ غَيْرِ رَدٍّ بِالْفِعْلِ وَأَوْلَى إذْ رَدَّهُ لِرَبِّهِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: مُنِعَ) أَيْ مُنِعَ بَيْعُهُ لِلْغَاصِبِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ رَدُّهُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: فَقَوْلَانِ) أَيْ هَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ لِلْغَاصِبِ إذَا لَمْ يَعْزِمْ عَلَى عَدَمِ رَدِّهِ لِرَبِّهِ بِأَنْ رَدَّهُ لِرَبِّهِ بِالْفِعْلِ أَوْ عَزَمَ عَلَى رَدِّهِ لَهُ أَوْ جَهِلَ الْحَالَ، فَإِنْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ رَدِّهِ لِرَبِّهِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ لَهُ
(قَوْلُهُ: لَا إنْ اشْتَرَاهُ) ابْنُ عَاشِرٍ اُنْظُرْ كَيْفَ يَتَصَوَّرُ مَعَ فَرْضِ بَيْعِهِ وُجُودُ شَرْطِ شِرَائِهِ الَّذِي هُوَ الْعَزْمُ عَلَى رَدِّهِ أَوْ رَدَّهُ بِالْفِعْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّ الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ إذَا كَانَ الْغَاصِبُ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ وَإِلَّا جَازَ بَيْعُهُ لِلْغَاصِبِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَعَلَيْهِ مَا هُنَا اهـ بْن.
(تَنْبِيهٌ) مِنْ فُرُوعِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ شَرِيكٌ فِي دَارٍ بَاعَ كُلَّهَا تَعَدِّيًا ثُمَّ مَلَكَ حَظَّ شَرِيكِهِ، فَإِنْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ رَجَعَ فِيهِ وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ بِالشُّفْعَةِ، وَإِنْ مَلَكَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ
(قَوْلُهُ: أَيْ وَقَفَ بَيْعَهُ) أَيْ إمْضَاءَ بَيْعِهِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالْمَوْقُوفُ عَلَى رِضَا الْمُرْتَهِنِ إمْضَاؤُهُ وَلُزُومُهُ