وإنما كان كذلك؛ لأن الأَسْرُبَّ جوهرُه يشمل رطوبة مائية كثيرة جامدة. وكل جسم ذى رطوبة، فإنه إذا فعلت فيه الحرارة النارية؛ فإنها أولاً تُحدث فيه سواداً، وذلك بما يحدث فيه من الدُّخَّانية، ثم إذا أفرط فيه تبضُّه (?) وذلك بأن تحيله (?) ماءً (?) . تأمَّل (?) هذا فى الحطب، كيف ينفحم أولاً، وذلك إذا كان عَمَل الحرارة فيه قاصداً (?) ، وحيئنذٍ يسوَّدُ، ثم يترمَّد أخيراً، وإذا (?) أُفرطت الحرارة فيها فحينئذٍ (?) ينبضُّ.
والحرارة المسوِّدة، إذا قصُرت عن إحداث السواد، أحدثت الحمرة؛ لأن الحمرة طريقٌ من البياض إلى السواد. فكذلك إذا أُحرق الأسربُ إحراقاً بقدرٍ صار منه السيلقون (?) ويتسمى باليونانية: سندوقيس. فلو أُزيد فى إحراقه قليلاً صار لونه إلى السواد، ولو بولغ فى إحراقه، ترمَّد وصار لوُنهُ أبيضَ.
وقد جرت العادة باتخاذ هذا السيلقون من الأَسْرُبِّ وإن كان يجوز أن يتخذ من الأتك. وإنما فعل ذلك، لأن بلوغَ الأسْرُبِّ إلى السيلقون أسهل من بلوغ الأتك وأسرع، وذلك لأن الأتك أزيد مائيةً، فإنما يبلغ به الاحتراق إلى هذا الحد إذا كان فعل الحرارة فيه، أزيد من فعلها فى الأسربِّ؛ لأن الأسربَّ أَزْيد أرضيةً