شُرُوعٌ

مثل العنقاء حين تنفضُ عنها غبارَ القرون ناهضةً من سُباتٍ طويل؛ يطلع إلينا اليوم علاءُ الدين القَرَشى (ابن النفيس) بموسوعته الشامل فى الصناعة الطبية بعد وفاته بسبعة قرون.

ومثلما تشرع العنقاءُ أجنحتها الأسطورية الرائعة مُحلِّقةً فى الذرى، بعدما بُعثت من رمادها؛ يفرد العلاءُ أجزاءَ موسوعته الأربعين فيطير مرةً ثانية فى سماوات العلوم وتاريخها، بعد قرونٍ من انطمار الكتاب فى النُّسخ الخطية، وبعد تيهٍ طويل وشتاتٍ بين مكتبات الشرق والغرب.

وكأننى الآن بالعلاء القرشى، يبتسمُ فى عليائه ابتسامةً لا تخلو من اعتدادٍ وابتهاجٍ وسخرية! محدِّثاً نفسه: أَلَمْ أَقُلْ للزَّمَانِ: " لَوْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ تَصَانِيفى تَبْقَى بَعْدِى عَشْرَةَ آلاَفِ سَنَةٍ، مَا وَضَعْتُهَا ". فَلمْ يُصَدِّقْنى أَهْلُ زَمَانِى.. فَأَيْنَ هُمُ الآنَ؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015