عن هجنة التأخير، فقال: أبردوا عن الصلاة.
وإنما قلنا: إن معنى "أبردوا" "أخروا" من قبيل المجاز, لأن التأخير من ثمرة الإبراد، فكنى عن الشيء بما يؤول إليه، كقول الشاعر:
وما العيش إلا نومة وتشرق ... وتمر على رأس النخيل وماء.
فسماه "تمرًا" وإنما يكون وهو على رأس النخيل رُطَبًا فما قبله.
وقد جاء في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أخر عني" أي تأخر عني وأخر عني تمسك.
وفي قوله: "اشتكت النار إلى ربها" مسألة أصولية هل هذه الشكوى حقيقية بكلام أم هي مجاز عبَّر فيه بلسان الحال عن لسان المقال؟ كما قال الراجز:
يشكو إلىّ جملي طول السرى ... وأي الأمرين قدّر كان جائزًا
لأن الكلام عند المحققين من الأصوليين وأهل السنة؛ ليس من شرطه وشرط العلم في القيام بالجسم؛ إلا الحياة.
فأما الهيئة والبنية واللسان، فليس من شرطه، فإذا خلق اللَّه في النار حياة؛ وُجِدَ منها الكلام الذي هو الكلام الحقيقي، ولو قلنا: إنه الكلام العرفي الذي هو الأصوات والحروف، لكان خلق اللَّه لها لسانًا تنطق به، ألا ترى أنه قد جعل لها عينين، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ بين عَيْنَيْ جهنم مقعدًا"، قالوا يا رسول اللَّه: أو لجهنم عينان؟! قال: