حلف في الإسلام، ومعنى جعل الولاء بمنزلة الحلف: يريد في المناصرة والمعاقدة وأنه يجب على المولى لزوم مواليه وأن لا يوالي غيرهم، كما يجب على المخالف لزوم مخالفته.

وقوله: "أقره حيث جعله الله تعالى" يريد أنه لا يغيره عما أجراه الإسلام عليه من الالتزام به فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا حلف في الإسلام"، وكان الحلف في الجاهلية على معان، فما كان منه على الفتن والقتال بين القبائل والغارات، فذلك الذي نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه وقال: "لا حلف في الإسلام" يريد: على مثل هذا، وما كان منه على نصر المظلوم وصلة الأرحام واصطناع المعروف فذلك الذي قال فيه: "وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده في الإسلام إلا شدة" يريد: المعاقدة على الخير ونصر الحق، والمشابهة بين الولاء والحلف من هذا الوجه والله أعلم.

قال الشافعي: قال الله -تعالى-: {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ في مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا} (?)، وقال -تعالى-: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ} (?) فنسب إبراهيم إلى أبيه وأبوه كافر، ونسب ابن نوح إلى أبيه وابنه كافر، وقال الله -تبارك وتعالى- لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في زيد بن حارثة: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ في الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} (?)، وقال: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ الله عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ} (?)، فنسب الموالي بنسبين: أحدهما: إلى الآباء، والآخر إلى الولاء، وجعل الولاء بالنعمة، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الولاء لمن أعتق"، وقال: "الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب" فدل الكتاب والسنة على أن الولاء إِنما يكون بتقدم فعل من المعتق، كما يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015