وإنما قال: "أعتق اثنين وأرق أربعة" لأن قيمتهم وافقت عددهم، فإن عبيد أهل الحجاز إنما كانوا الزنوج والحبش، والقيم تتساوى فيهم غالبًا أو تتقارب، ولذلك إذا اختلفت [القيم] (?) والعدد عدل إلى القيمة ولم يبال بتفاوت العدد، حتى لو كانوا أربعة وقيمة اثنين مائة، وقيمة الاثنين الباقين مائتان؛ جعل الاثنان اللذان قيمتهما مائة جزءًا واحدًا، والاثنان الآخران اللذان قيمتهما مائتان جزئين، ثم يقرع بينهم.

وتفريق العتق في أجزاء العبد يؤدي إلى الضرر في الملَّاك والمماليك معًا، وعتق الجميع يرفع الضرر ويبقى سوء المشاركة.

وقد اعترض قوم على هذا فقالوا: في هذا ظلم للعبيد، لأن السيد إنما قصد إيقاع العتق عليهم جميعًا، فلما منع حق الورثة من استغراقهم وجب أن يقع القدر الجائز منه شائعًا فيهم؛ لينال كل واحد منهم حصته منه كما لو وهبهم ولا مال له غيرهم، وكما لو أوصى بهم. فإن الهبة تصح في جزء كل واحد منهم قبل. هذا قياس ردته السنة الثابتة، فإن صاحب الشريعة - صلى الله عليه وسلم - إذا قال قولًا وحكم بحكم لم يجز الاعتراض عليه برأي ولا بأصل آخر، بل يجب عليه تقريره على حاله واتخاذه أصلاً في بابه، والوصايا والهبات مخالفة للعتق، لأن الورثة لا يتضررون بوقوع الوصية والهبة شائعتين في العبد ويتضررون بوقوع العتق شائعا، وأمر العتق مبني على التغليب والتكميل إذا وجد إليه السبيل، وحكم الدين قد منع من إكماله في جماعتهم فأكمل من خرجت له القرعة منهم.

قال الشافعي: وهذا الحديث أصل في أن الوصية في المرض بالثلث للأجانب، لأن عتقه إياهم في معنى الوصية لهم وهم أجانب.

قال: وكانت العرب لا تستعبد من بينها وبينه نسب. يريد بها أن الوصية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015