وكانت غرفة هذه أم جميل بحذا غرفة أبي بكرة؛ وضربت الريح باب غرفة المرأة ففتحته، ونظر القوم فإذا هم بالمغيرة ينكحها، فقال أبو بكرة: هذه بلية ابتليتم بها فانظروا، فنظروا حتى أثبتوا، فنزل أبو بكرة فجلس حتى خرج عليه المغيرة من بيت المرأة فقال: إنه قد كان من أمرك ما قد علمت فاعتزلنا، قال: وذهب المغيرة ليصلي بالناس الظهر، ومضى أبو بكرة وقال: لا والله لا تصلي بنا وقد فعلت ما فعلت، فقال الناس: دعوه فليصل فإنه الأمير، واكتبوا بذلك إلى عمر، فكتبوا إليه، فأمرهم أن يقدموا عليه جميعًا المغيرة والشهود، فلما قدموا عليه جلس عمر فدعى بالشهود والمغيرة، فتقدم أبو بكرة، فقال: رأيته بين فخذيها؟ قال: نعم والله لكأني انظر إلى تشريم جدري بفخذيها، فقال له المغيرة: لقد ألصقت في النظر، فقال له أبو بكرة: لم آل أن أثبت ما يخزيك الله به، فقال له عمر: لا والله حتى تشهد لقد رأيته يلج فيها ولوج المرود في المكحلة، قال: نعم، أشهد على ذلك، قال: فاذهب عنك مغيرة، ذهب ربعك، ثم دعا نافعًا فقال: على ما تشهد؟ فقال له: مثل شهادة أبي بكرة. فقال: لا حتى تشهد أنه ولج فيها ولوج المرود في المكحلة. قال: نعم، حتى بلغ قدده. فقال له عمر: اذهب عنك مغيرة، ذهب نصفك، ثم دعى الثالث فقال له: على ما تشهد؟ فقال: على مثل شهادة صاحبي، فقال له عمر: اذهب عنك مغيرة، وذهب ثلاثة أرباعك، ثم كتب إلى زياد وكان غائبا فقدم، فلما رآه في المسجد واجتمع عنده رؤوس المهاجرين والأنصار فلما رآه مقبلا قال: إني لا أرى رجلاً لا يخزي الله على لسانه رجلاً من المهاجرين، ثم إن عمر رفع رأسه إليه فقال: ما عندك يا سلح الحيارى؟ وقيل: إن المغيرة قام إلى زياد فقال له -مخبأ لعطر بعد عروس- فقال له: يا زياد، اذكر الله، واذكر موقف القيامة، فإن الله وكتابه ورسوله وأمير المؤمنين، قد حقنوا دمي إلا أن تتجاوز إلى ما لم تراءيت فلا يحملنك سوء منظر رأيته على أن تتجاوز إلى ما لم تره، فوالله لو كنت بين بطني نأيت أن يسلك ذكري فيها، قال: فدمعت عينا