زياد، واحمر وجهه، فقال: يا أمير المؤمنين، إما أن أحق ما حق القوم فليس عندي، ولكن رأيت مجلسًا وسمعت نفسًا سيئًا وانتهارًا، ورأيته مستبطنها، فقال عمر: أرأيته يدخل كالميل في المكحلة؟ قال: لا، وقال زياد: رأيته رافعا رجليها، فرأيت خصييه يتردد إلى بين فخذها، ورأيت خبرا شديدا، وسمعت نفسًا عاليا، فقال عمر: رأيت يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة؟ فقال: لا قال عمر: الله أكبر، قم إليهم فاضربهم. فقام إلى أبي بكرة فضربه ثمانين وضرب الباقين، وأعجبه قول زياد، ودرأ الحد عن المغيرة، فقال أبو بكرة بعد أن ضرب: أشهد أن المغيرة فعل كذا وكذا، فهم عمر أن يضربه حدًّا ثانيا، فقال له علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه-: إن ضربته فارجم صاحبك، فنهاه عن ذلك، يعني: إن ضربت أبا بكرة حدًا ثانيًا جعلت شهادته الثانية شهادة أخرى؛ فكملت أربع شهادات فوجب بذلك الرجم على المغيرة، فتركه واستتاب عمر أبا بكرة، فقال أبو بكرة: إنما تستتيبني لتقبل شهادتي؟ فقال: أجل، قال: لا أشهد بين اثنين ما بقيت في الدنيا.

فلما ضربوا الحد قال المغيرة: الله أكبر، الحمد لله الذي أخزاكم، فقال عمر: بل أخزى مكانا رأوك فيه، ثم إن أم جميل هذه وافقت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بالموسم والمغيرة هناك، فقال عمر: أتعرف هذه يا مغيرة؟ فقال: نعم، هذه أم كثلوم بنت علي، فقال له عمر: أتتجاهل علي؟ والله ما أظن أن أبا بكرة كذب عليك، وما رأيتك إلا خفت إلا أن ترمى بحجارة من السماء.

وفي هذه الواقعة من الفقه:-

أنه إذا شهد ثلاثة على إنسان بالزنا ولم يتم الرابع، أو شهد واحد أو اثنان ففيها قولان-:

أحدهما وهو المنصوص المشهور: أنهم يحدون، وبه قال مالك وأبو حنيفة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015