ذلك سببا لدخولهم النار كأنه بعض النار.

ومساق هذا الحديث لوجوب الحكم بالظاهر، وفيه من الفقه:-

أن حكم الحاكم لا يحل حرامًا، ولا يحرم حلالاً، وأنه متى أخطأ الحاكم في حكمه ومضى كان ذلك في الظاهر؛ وأما الباطن وحكم الآخرة فإنه غير ماض، وفيه: أنه لا يجوز للمقضي له أن يأخذ ما قضى له به إذا علم أنه لا يستحقه؛ ولا يحل له فيما بينه وبين الله -عز وجل- ألا تراه قال: "فلا يأخذ منه شيئًا، إنما أقطع له قطعة من النار" وهذا الحكم مطرد بين الأئمة في الأموال والدماء والفروج؛ لأن ذلك كله حق أخيه وقد حرم عليه أخذه، وهذا مجمع عليه، إلا أن أبا حنيفة -رحمه الله- ذهب إلى: أن حكم الحاكم في الفروج ينفذ ظاهرًا وباطنًا، ويحل الحرام ويحرم الحلال، حتى إنه إذا ادعى رجل على امرأة أجنبية أنها زوجته وأقام شاهدي زور، فشهدا له بذلك وهما يعلمان أنها ليست زوجته، وقضى الحاكم بالزوجية بشهادتهما، قال: إن الرجل المدعي زوجيتها يحل له نكاحها بمجرد الحكم؛ فإن ذلك عند الله حلال مع علم الرجل والشهود بطلان القضية وكذلك لو شهد شاهدا زور لامرأة على زوجها أنه طلقها ولم يكن قد طلقها، ثم حكم الحاكم بطلاقها بشهادة شاهدي الزوجان، لكل واحد من الشاهدين أن يزوجها، مع علمه أن زوجها لم يطلقها وأنه شهد بطلاقها زورًا. والله أعلم.

***

طور بواسطة نورين ميديا © 2015