وأما الترمذي (?): فأخرجه عن هارون بن إسحاق الهمداني، عن عبدة بن سليمان، عن هشام.
وأما النسائي (?): فأخرجه عن عمرو بن علي، عن يحيى، عن هشام.
البشر: الخلق من الأناس، ولذلك قيل لآدم (عليه السلام): أبو البشر.
وقوله: "إنما أنا بشر" أي: إنما أنا إنسان مخلوق يجري علي ما يجري على الناس من النسيان والخطأ، ولست أعلم الغيب فأطلع على خفايا السرائر فأحكم بمقتضاها، إنما أحكم بما يظهر لي وأسمعه من المتحاكمين.
وقوله: "ألحن بحجته" أي: أقوم بدليله؛ وأعرف بما يدفع عنه دعوى خصمه، وأفطن من غريمه بما له وعليه وبما يضره وينفعه، تقول: لحنت -بالفتح- ألحن لحنًا: إذا قلت له قولًا يفهمه عنك ويخفى على غيره. ولحنه هو -عني بالكسر- يلحنه لحنًا -بالفتح- أي: فهمه، وألحنته أنا إياه.
والحجة: الدليل والبرهان الذي يفهمه صاحب الدعوى على صحة دعواه، تقول: حاجه فحاجه أي: عليه بالحجة، والتحاج: التخاصم.
والنحو في الأصل: القصد والطريق، تقول: نحوت نحو فلان أي: قصدت قصده وسلكت طريقه.
فقوله: "فأقضي له على نحو ما أسمع منه" أي: على الظاهر لي من كلامه، والقصد الذي ذهب إليه؛ والطريق الذي سلكها في خصامه واعترافه وإنكاره.
وقوله: "إنما أقطع له قطعة من النار" شبه ما يحكم به في ظاهر القول بقطعة يقطعها للمدعي من النار، وهذا كقوله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نَارًا} (?) الآية، لأنه لما كان