كسرى فلا كسرى بعده" فلم يكن بأرض العراق كسرى ثبت له أمر بعده، وقال: "إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده"، فلم يكن بأرض الشام قيصر بعده وأجابهم على ما قالوا فكان كما قال لهم وقطع الله الأكاسرة عن العراق وفارس، وقطع قيصر ومن قام بهذا الأمر بعده عن الشام.
قال الشافعي -رضي الله عنه-: بعث الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - بمكة وهو بلد قومه، وقومه أميون وكذلك كان من حولهم من العرب، ولم يكن فيهم من العجم إلا مملوكًا أو محررًا أو مجتازًا ومن لا يذكر، قال الله -تعالى-: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} (?) وفرض الله عليهم جهادهم فقال: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} (?) وجاءت السنة بما جاء به القرآن، فذكر حديث أبي هريرة وعمر بن الخطاب وقوله لأبي بكر الصديق: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله"، وهذا في المشركين مطلقًا وإنما يراد به -والله أعلم- مشركو أهل الأوثان، ولم يكن بحضرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا قربه أحد من مشركي أهل الكتاب؛ إلا يهود المدينة وكانوا حلفاء الأنصار؛ ولم يكن الأنصار استجمعت أول ما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إسلامًا؛ فوادعت يهود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم تخرج إلى شيء من عداوته يقول يظهر ولا فعل حتى كانت وقعة بدر، فتكلم بعضها بعداوته والتحريض عليه فقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم، ولم يكن بالحجاز -علمته- إلا يهودًا ونصارى قليل بنجران، وكانت المجوس بهجر وبلاد البربر وفارس نائين عن الحجاز دونهم مشركون أهل الأوثان كثير، فأنزل الله -تعالى- فرض قتال المشركين من أهل الكتاب، فقال -تبارك وتعالى-: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ الله وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (?) ففرق الله -جل ثناؤه، كما شاء لا معقب لحكمه- بين قتال