رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يخطب بعد ذلك خطبة إلا أمر بالصدقة ونهى عن المثلة.

ثم ذكر حديث أنس -رضي الله عنه- وهو من رواية المزني عنه.

قال الشافعي -رضي الله عنه-: أخبرنا عبد الوهاب، عن حميد، عن أنس أن ناسًا من عرينة قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة فقال: "لو خرجتم إلى ذود لنا فشربتم من ألبانها" ففعلوا وارتدوا عن الإسلام، فقتلوا راعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واستاقوا ذوده، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طلبهم، فقطع أيديهم -وأرجلهم، وسمل أعينهم، وتركهم في الحرة حتى ماتوا.

وزاد في رواية: فما خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبة إلا نهى فيها عن المثلة.

حديث أنس -رضي الله عنه- صحيح (?) قد روي من غير وجه، وروي عن ابن عمر أيضًا، فلا معنى للإنكار بعد صحة الإسناد، فإما أن يحمل على النسخ كما ذهب إليه ابن سيرين وقتادة؛ وعلى ذلك حمله الشافعي -رضي الله عنه- في أول كلامه.

وإما أن يحمل على أنه قد فعل بهم ما فعلوا بالرعاء؛ فإنه قد جاء في رواية؛ سليمان التيمي عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما سمل أعين أولئك لأنهم سملوا أعين الرعاة.

قال الشافعي -رضي الله عنه- والمثلة التي نهى عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو: أن يقطع يدي المشركين -إذا أسروا- وتجدع آذانهم وأنفهم، وقد فعل ذلك أبو سفيان يوم أحد فمثل بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأمثلن بكذا وكذا منهم" فأنزل الله -عز وجل-: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015