رجل غيره، فقال: يا محمد، امنن علي ودعني لبناتي وأعطيك عهدًا أن لا أعود لقتالك، فقال: "لا تمسح علي عارضيك بمكة، تقول: خدعت محمد مرتين" فأمر به فضربت عنقه، وعندها قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين".
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن أبي يحيى، عن جعفر، عن أبيه قال: لا والله ما سمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عينًا, ولا زاد أهل اللقاح على قطع أيديهم وأرجلهم.
سمل العين سملها: إذا أحمى حديدة كحلها بها ليذهب بصرها.
واللقاح: جمع لقحة، وهي: الناقة ذات اللبن، وقيل: ذات المخاض، وأهل اللقاح هم: الذين جاؤا إلى المدينة فمرضوا، فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخرجوا إلى الإبل فيشربوا من ألبانها، ففعلوا وصحوا، ثم قتلوا الرعاة واستاقوا الإبل، فأنفذ النبي - صلى الله عليه وسلم - في طلبهم، فلما أحضروا سمل أعينهم، وقطع أيديهم وأرجلهم.
هذا الحديث أخرجه الشافعي -رضي الله عنه- في كتاب "قال المشركين" (?) في النهي عن الأمثلة بالأسرى، وأن المسلمين إذًا أخذوا مشركا وأرادوا قتله ضربت رقبته بغير مثلة.
قال: فإن قال قائل: فقد قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيدي الذين استاقوا [لقاحه] (?) وأرجلهم وسمل أعينهم، فيما رواه أنس بن مالك، من حديث هؤلاء المقدم ذكرهم.
قال الشافعي -رضي الله عنه-: ثم روى فيه راوي حديثهم أيضًا: أن