والآخرة فقد جمع كل الفلاح.
والذي ذهب إليه الشافعي -رضي الله عنه-: أن الأسير إذا أسلم حقن دمه؛ وفي حكمه قولان:-
أحدهما: أن يكون رقيقا للمسلمين لا يمن عليه ولا يفادي به.
والثاني: أن يكون الإمام مخيرا فيه بين ثلاث حالات:-
أحدها: استرقاقه. والثانية: أن يمن عليه ويطلق.
والثالثة: أن يفادي به غيره من أسراء المسلمين أو يفدي بالمال بشرط أن يكون له عشيرة تحميه إذا رد إليهم وهو مسلم، فأما إذا لم يكن له عشيرة تحميه لم يجز رده إلى المشركين. وهكذا الحكم في الأسير إذا كان مشركا، فالإمام غير فيه قتلاً، ومنًا، وفدًاء. وبه قال أبو ثور وأحمد والأوزاعي.
وقال مالك في الرجال البالغين: إن شاء قتلهم، وإن شاء فادى بهم أسراء المسلمين. وبه قال الثوري وأبو عبيد وزاد: وإن شاء استرقهم.
وقال أصحاب الرأي: إن شاء ضرب أعناقهم، وإن شاء أن يمن عليهم فيكونوا فيئا للمسلمين ولا يطلقهم بغير عوض، وإن شاء أن يعرض عليهم الإسلام، لكن ينبغي أن ينظر أي ذلك خيرًا للمسلمين فعله.
وقال الحسن وعطاء وسعيد بن جبير: إن شاء مَنَّ عليه، أو فاداه وكانوا يكرهون قتله.
قال الشافعي -رضي الله عنه-: أسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل بدر، فمنهم من مَنَّ عليه بلا شيء أخذ منه، ومنهم من أخذ منه فدية، ومنهم من قتله؛ فكان المقتول بعد الأسر عقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث، وكان من الممنون عليهم بلا فدية: أبو عزة الجمحي تركه لبناته وأخذ عليه عهدًا أن لا يقاتله؛ فأخفره وقاتله يوم أحد فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا يفلت فما أسر من المشركين