الآخر على ما يراد منه؛ إن كانا درعين فلمنع العدو، وإن كانا ثوبين فلدفع أذى الحر والبرد.
وهذا الحديث ذكره الشافعي في عقيب كلامه في جواز إقدام الواحد على الجماعة، ثم قال: والاختيار أن يتحرز. واستدل بهذا الحديث.
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد، عن عبيد الله بن أبي رافع قال: سمعت عليًا -كرم الله وجهه- يقول: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا والزبير والمقداد فقال: "انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ؛ فإن بها ظعينة معها كتاب" فخرجنا تعادى بنا خيلنا، فإذا نحن بظعينة فقلنا: أخرجي الكتاب، فقالت: ما معي كتاب، فقلنا لها: لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب، فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين ممن بمكة يخبر ببعض أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "ما هذا يا حاطب"؟ قال: لا تعجل علي، إني كنت امرًأ ملصقا في قريش ولم أكن أنفسها، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها قراباتهم؛ ولم يكن لي بمكة قرابة، فأحببت إذ فاتني ذلك أن أتخذ عندهم يدًا، والله ما فعلت شكًا في ديني؛ ولا رضا بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنه قد صدق"، فقال عمر: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنه شهد بدرا، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم". ونزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} (?).
هذا حديث صحيح متفق عليه، أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي.