وقوله: "هو لك يا عبد بن زمعة" هذه اللام لام الملك والتخصيص، وهي بالتخصيص أشبه، يريد ملكك ثابت لك بموجب دعواك أو مختص بما دون خصمك، ثم علل إثبات الحكم لعبد بقوله: "الولد للفراش" ثم إنه جاء عاريًا بالتعليل عاريًا من حرف العلة -وذلك أن- أحسن في مواقع الخطاب, لأنه يكون الكلام كأنه جملة واحدة، وأن هذه العلة جزء من الكلام وبعض من أبعاضه، وإذا جاء حرف العلة صار الكلام منقسمًا إلى علة ومعلول، ألا ترى أنه لو قال: هو لك يا عبد لأن الولد للفراش، لم يكن لهذه الطلاوة والحسن والامتزاج الحاصل بقوله: لك يا عبد، الولد للفراش.
وبيان ذلك: أن ظهور حرف العلة يفيد معناها ولا يتوقف فهم السامع على تدبر الكلام، وإذا أسقطه صار الكلام محتاجًا إلى حرف التعليل، فيتوفر الفهم على الإصغاء إلى اللفظ والاستماع إليه وتدبر معناه، ولأن الشيء إنما يحذف في موضع لا يخل صرفه بالمعنى حتى يصير كأنه مستغني عنه.
قال الشافعي: فقد قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بابن وليدة زمعة بدعوة أخيه ونسبه إلى أبيه، وقال: "الولد للفراش" واعلم أن الأمة تكون فراشا.
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن أبيه قال: أرسل عمر بن الخطاب إلى شيخ من بني زهرة، كان يسكن دارنا، فذهبت معه إلى عمر فسأله عن ولاد من ولاد الجاهلية، فقال: أما الفراش فلفلان، وأما النطفة فلفلان، فقال عمر -يعني: ابن الخطاب-: "صدقت، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالفرايق".
وقد رواه المزني عن الشافعي (?) بالإسناد قال: أرسل عمر بن الخطاب إلى شيخ من بني زهرة من أهل دارنا، فذهبت مع الشيخ إلى عمر وهو في الحجر،