وأما أبو داود (?): فأخرجه عن سعيد بن منصور ومسدد، عن سفيان.
وأما النسائي (?): فأخرجه عن إسحاق بن إبراهيم، عن سفيان.
كانت العرب في الجاهلية تكون لهم إماء عليهن ضرائب لمواليهن وهن البغايا يذهبن ويؤدين ضرائبهن، وكانت الأمة منهن إذا جاءت بولد وادعاه أحد الزناة الذين زنوا بها، استحق به وصار ولده كما يكون في النكاح الصحيح.
وكان لزمعة بن قيس بن عامر بن لؤي، وهو أبو سودة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أمة زانية، إلا أنه كان يلم بها فزنا بها عتبة بن أبي وقاص في الجاهلية وحملت منه، فلما حضرته الوفاة قال لأخيه سعد بن أبي وقاص: إن حمل أمة زمعة مني، فلما فتحت مكة نظر سعد إلى ابن أمة زمعة، فطلبه ليأخذه وأبي عليه عبد بن زمعة أن يعطيه، هو (?) أخي وولد على فراش أبي من أمته، فاختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى فيه شبهًا ظاهرًا بعتبة، إلا أنه حكم بظاهر حكم الإسلام في كون الولد للفراش ولم يعتبر بالشبه الذي رآه فيه، فتحكم به لعبد ولم يحكم به لسعد، ثم إنه للشبه الذي رأى فيه بعتبة قال لسودة زوجته: "احتجبي منه"، وإن كان حكم الإسلام قد جعله أخاها، إلا أن الشبه الذي فيه اقتضى الاستحباب لها بالاحتجاب منه والاستظهار بالتنزه عن الشبه. وإليه ذهب الشافعي، ومالك، وأبو ثور.
وقال أبو حنيفة، والثوري، والأوزاعي، وأحمد: إنما هذا على سبيل الواجب وهو حرام, لأن من أصلهم أن من زَنَا بامرأة حرمت على أولاده، وهذه القضية لما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - الشبه لعتبة علم أنه من مائه، فأجراه على التحريم مجرى النسب فأمرها بالاحتجاب منه.