فأما البخاري (?): فأخرجه عن عبد الله بن يزيد المقري، عن سعيد عن عقيل، عن الزهري، وقال: "عن شيء لم يحرم فحرم".

وأما مسلم (?): فأخرجه عن يحيى بن يحيى، عن إبراهيم بن سعد.

وأما أبو داود (?): فأخرجه عن عثمان بن أبي شيبة، عن سفيان، عن الزهري، وقال: "عن أمر لم يحرم".

تقول: جرم الرجل وأجرم جرمًا وإجراما: إذا أذنب.

والجارم: الجاني، والجرم: الذنب.

وقوله: "في المسلمين جرمًا" أي أن ذنبه مختص يختص بهم ولهم, لأن التحريم راجع إليهم ولهذا قال: "أعظمهم ذنبا فيهم" فجعلهم محلا لجرمه.

وقوله: "فحرم من أجل مسألته" تعليل من لبيان الجرم وأنه كان بسبب سؤاله، وهذا الحكم من تعظيم أمر السؤال إنما هو فيمن يسأل تعنتًا وتكلفا فيما لا حاجة له فيه، لا فيمن سأل سؤال حاجة وضرورة، مثل: مسألة بني إسرائيل في شأن البقرة، وذلك أن الله سبحانه وتعالى أمرهم أن يذبحوا بقرة، فلو استعرضوا البقر وأخذوا منها بقرة فذبحوها لأجزأتهم، فما زالوا يسألون ويتعنتون حتى غلظت عليهم. وأمروا بذبح بقرة مخصوصة، فعظمت عليهم المؤنة ولحقتهم المشقة في طلبها حتى وجدوها فاشتروها بالمال العظيم، فذبحوها وما كادوا يفعلون. ولذلك قال: أن بني إسرائيل شددوا فشدد عليهم.

فأما من كان سؤاله استبانة لحكم واجب، واستفادة لعلم قد خفي عليه؛ فإنه لا يدخل في هذا الوعيد، كيف وقد قال الله سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015