وهذا الطرف قد استدل به الشافعي على أن اللعان لا يكون إلا بمحضر من طائفة من المؤمنين، لأنه قال: ولما حكى سهل بن سعد شهود المتلاعنين، مع حداثته وحكاه ابن عمر، استدللنا أن اللعان لا يكون إلا بمحضر من طائفة من المؤمنين، لا ما يحضره الصغار والكبار أولى به، ولأنه أردع للمتلاعنين عن الكذب.

وقوله: "فلم يتقنه إتقان هؤلاء" يريد ما مضى من روايات مالك وغيره، وإنما أشار إليهم لأنهم قد تقدم ذكرهم في كلامه قبل ذكره لهذا الحديث، ففي رواية مالك وغيره: "وأنا مع الناس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي رواية ابن جريج: فتلاعنا في المسجد وأنا شاهد"، وفي رواية الأوزاعي: "فأمرهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالملاعنة بما سمى الله في كتابه"، وفي رواية نافع عن ابن عمر: "فتلاعنا كما قال الله -عز وجل-".

والإتقان: الإحكام والمراد به أنه لم يحكم حفظه كما حفظه غيره من الرواة.

ومذهب الشافعي: أن اللعان لا يصح إلا بحضرة الحاكم، وأن يكون في أشرف الأماكن، فإن كان بمكة فبين الركن والمقام، وإن كان بالمدينة فعند المنبر، وقيل عليه، وإن كان بالقدس فعند الصخرة، وإن كان بغيره من البلاد فبالجامع، وأن يكون بعد العصر، وأن يكون بمجمع من الناس وأقلهم أربعة.

وأخبرنا الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن عامر بن سعد، عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أعظم المسلمين في المسلمين جُرمًا، من سأل عن شيء لم يكن -يعني محرمًا- فحرم من أجل مسألته".

هذا حديث صحيح متفق عليه، أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015