برذعة له، متوسد وسادة حشوها ليف، قلت: أبا عبد الرحمن! المتلاعنان أيفرق بينهما؟ قال: سبحان الله! نعم، إن أول من سأل عن ذلك فلان بن فلان، قال: يا رسول الله! أرأيت لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع؟ إن تكلم تكلم بأمر عظيم، وإن سكت سكت عن مثل ذلك. قال: فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يجبه، فلما كان بعد ذلك أتاه، فقال: إن الذي سألتك عنه ابتليت به، فأنزل الله -عز وجل- هؤلاء الآيات في سورة النور: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} فتلاهن عليه ووعظه وذكره وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، [قال: لا والذي بعثك بالحق، ما كذبت عليها، ثم دعاها فوعظها، وذكَّرها وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة] (?). قالت: لا والذي بعثك بالحق إنه لكاذب، فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم بالمرأة فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، ثم فرق بينهما.
قوله: "لا سبيل لك عليها" فيه بيان وقوع الفرقة بينهما باللعان، بخلاف من قال: اللعان لا يوجب الفرقة.
وفيه دلالة على أن الفرقة باللعان تأبيدة، ولو كان له عليها سبيل إذا أكذب نفسه لاستثناه، فقال إلا أن تكذب نفسك فيكون لك عليها حينئذ سبيل، فلما أطلق الكلام دل على تأييد الفرقة.
وفيه بيان أن زوج الملاعنة لا يرجع عليها بالمهر، وإن أقرت المرأة بالزنا أو قامت عليها البيَّنة بذلك، هذا في المدخول بها ألا تراه قال: "فهو بما استحللت من فرجها".
فأما غير المدخول بها فقد اختلف الناس فيها:-