وقد أخرج الشافعي -رضي الله عنه- في كتاب "حرملة" عن سفيان، عن عمار ابن زريق، عن حكيم، عن محمد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من أحد له خمسون درهمًا أو عدله من الذهب تحل له الصدقة".

وهذا الحديث [إن صح] (?) لم يخالف ما قلناه؛ لأنه اعتبر في الابتداء ما يغنيه، فدخل فيه الكسب والمال؛ لوقوع الغنى بكل واحدٍ منهما، ثم حين سئل عن الغنى فسره بخمسين درهمًا، وإنما أراد من لا كسب له أن يقوم بكفايته حتى يكون معه خمسون درهمًا، ألا تراه قال في حديث آخر: "من سأل وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافًا" (?).

والأوقية أربعون درهمًا، وفي حديث آخر: "قيل: وما الغنى الذي لا تنبغي معه المسألة؟ قال: أن يكون له شبع يوم وليلة" (?) وكل ذلك متفق في المعنى، وهو أنه اعتبر الغنى وهي الكفاية.

ثم إنها تختلف باختلاف الناس، فمنهم من [يغنيه] (?) خمسون، ومنهم من [يغنيه] (4) أربعون، ومنهم من له كسب يدر عليه كل يوم ما يغذيه ويعشيه ولا عيال له فهو مستغن به ولا يكون له أخذ الصدقة، وفي مثل هذا المعنى ورد قوله: "للسائل حق وإن جاء على فرس" (?) فقد يكون كثير العيال ولا كسب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015