وهو إنما أباح له المسألة عند تحقق الفاقة، وإنما تتحقق فاقته إذا لم [يكن له] (?) مال يغنيه ويغني عياله، أو كسب يقوم بكفايته وكفاية عياله، فإذا كان له أحدهما فلا تتحقق فاقته.
وأباح له المسألة في الجائحة تصيب ماله فتجتاحه، حتى يصيب قوامًا من عيش، أو سِدَادًا من عيش فبين بذلك أن المَعْنِيَّ فيه: كفايته وكفاية عياله، فإذا كان له كسب يقوم بكفايته وكفاية عياله فقد أصاب قوامًا من عيش، فلم يجز له أخذ الصدقة بالفاقة، وإذا كان له كسب ضعيف لا يقوم بكفايته وكفاية عياله فله أخذ الصدقة من غير تقدير حتى يصيب قوامًا من عيش أو سِدَادًا من عيش.
قال الشافعي -رضي الله عنه- والغارمون صنفان:
صنف دانوا في مصلحتهم أو معروف وغير معصية، ثم عجزوا عن أداء ذلك في العَرَضِ والنَّقْدِ، فيعطون في غرمهم لعجزهم.
وصنف دانوا في حَمَالاتٍ وصلاح ذات بين ومعروف، ولهم عَرُوض تحمل حمالاتهم أو عامتها، وإن بيعت أَضَرَّ ذلك بهم وإن لم يفتقروا، فيُعْطى هؤلاء وتوفر عروضهم، كما يعطى أهل الحاجة من الغارمين حتى يقضوا غرمهم.
ثم أخرج حديث قبيصة هذا وقال: بهذا الحديث نأخذ، و [هو] (?) معنى ما قلت في الغارمين، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تحل المسألة في الفاقة والحاجة" يعني -والله أعلم- من سهم الفقراء والمساكين لا الغارمين.
وقوله: "حتى يصيب سدادًا من عيش" يعني -والله أعلم- أقل اسم الغني.
بذلك نقول، وذلك حين يخرج من الفقر والمسكنة.