قال: وقد روي في تبدية الدين قبل الوصية حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يُثْبِتُ أهل الحديث مثله.
قال الشافعي: أخبرنا سفيان، عن ابن إسحاق، عن الحارث، عن علي: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالدين قبل الوصية".
إنما امتنعوا من تثبيت هذا الحديث؛ لانفراد الحارث الأعور بروايته عن علي، وقد طعنوا في روايته، ثم ذكر الشافعي حديث ابن عباس المذكور.
وقد أخرج المزني عن الشافعي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: "جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتَدَّ بي، فقلت: يا رسول الله قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مالٍ ولايرثني إلا ابنة لي؛ أفأتصدق بثلثي مالي؟ فقال: لا. فقلت: فالشطر؟ قال: لا. الثلث والثلث كثيرٌ -أو كبير- إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعله فِي فِي امرأتك. فقلت: يا رسول الله، أَأُخَلَّفُ بعد أصحابي؟ قال: إنك لن تُخَلَّفَ فتعمل عملًا صالحًا إلا ازددت به درجة ورفعة، ولعلك أن تُخَلَّف حتى ينتفع بك أقوام ويضرَّ آخرون، اللهم امض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن مات بمكة".
هذا حديث صحيح أخرجه البخاري (?) ومسلم (?).
وأخرجه المزني أيضًا (?) عن الشافعي، عن سفيان، عن الزهري بالإسناد، وقال فيه: "مرضت عام الفتح مرضًا أشرفت منه على الموت" وخالف فيه سفيان جميع الرواة فقال: "عام الفتح" وإنما هو حجة الوداع.