قال الشافعي: فكانت دلالة السنة في حديث عمران بَيِّنَة؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنزل عتقهم في المرض وصية، والذي أعتقهم رجل من العرب، والعربي إنما يملك من لا قرابة بينه وبينه من العجم، فأجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم الوصية، فدل ذلك على أن الوصية لو كانت تبطل لغير قرابة بطلت للعبيد المعتقين.
وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-، أخبرنا سفيان، عن هشام [ابن حجير] (?)، عن طاوس، عن ابن عباس، "أنه قيل له: كيف تأمر بالعمرة [قبل الحج, والله يقول {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (?)] (?) فقال: كيف تقرءون: الدين قبل الوصية أو الوصية قبل الدين؟ قالوا: الوصية قبل الدين. قال: فبأيهما تبدءون؟ قالوا: بالدين. قال: فهو ذلك".
قال الشافعي: يعني أن التقديم جائز.
قال: وقال الله عز وجل في غير آية من قسم المواريث {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (?) و {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} فكان ظاهر الآية المعقول فيهما: من بعد وصية يوصين بها أو دين إن كان عليهم دين.
قال: فلما لم يكن بين أهل العلم خلاف علمته في أن ذا الدين أحق بمال الرجل في حياته منه حتى يستوفي دينه، وكان أهل الميراث إنما يملكون عن الميت ما كان الميت أملك به، وكان بَيّنًا والله أعلم في حكم الله بما لم أعلم أهل العلم اختلفوا فيه أن الدين مُبَدّى على الوصايا والميراث.