قال الشافعي -رضي الله عنه- قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لسعد أغنى عما قال مَنْ بَعْدَه في الوصايا، وذلك أن بَيِّنًا في كلامه أنه إنما قصد اختيار أن يترك الموصي ورثته أغنياء، فإن تركهم أغنياء أجزت له أن يستوعب الثلث، وإذا لم يدعهم أغنياء كرهت له أن يستوعب الثلث.
قال: وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: الثلث والثلث كثير -أو كبير- يحتمل الثلث غير قليل، وهو أولى معانيه؛ لأنه لو كرهه لسعد لقال له غض عنه.
وقد أخرج المزني، عن الشافعي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه؛ يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة".
وفي رواية عن سفيان، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما حق امرئ مسلم يوصي الوصية وله مال يوصي فيه؛ يأتي عليه ليلتان إلا ووصيته مكتوبة عنده".
هذا حديث صحيح متفق عليه أخرجه البخاري (?) ومسلم (?).
قال الشافعي: ويجب هذا لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن الله تبارك وتعالى جعل أمره - صلى الله عليه وسلم - الرشيد المبارك المحمود المبدأ والعاقبة.
وقال الربيع: قال الشافعي -رضي الله عنه- فيما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الوصية: أن قوله: "ما حق امرئ" يحتمل: ما لامرئ أن يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده.
ويحتمل: ما المعروف في الأخلاق إلا هذا، لا من وجه الفرض.
وقد أخرج الشافعي -رضي الله عنه- في القديم، عن مالك، عن هشام