قال: وأنزل الله تعالى ميراث الوالدين، ومن ورث بعدهما ومعهما من الأقربين، وميراث الزوج من زوجته، والزوجة من زوجها، ثم ذكر احتمال ثبوت الوصية مع الميراث، واحتمال أن تكون المواريث ناسخة للوصايا.
قال الشافعي -رضي الله عنه-: فوجدنا أهل الفتيا ومن حفظنا عنهم من أهل العلم بالمغازي من قريش وغيرهم لا يختلفون في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال عام الفتح: "لا وصية لوارث، ولا يُقْتَل مؤمنٌ بكافر" وما يروونه عمن حفظوه عنه ممن لقوه من أهل العلم بالمغازي، فكان نقل هذا عامة عن عامة وكان أقوى في بعض الأمر من نقل واحد، وكذلك وجدنا أهل العلم عليه مجتمعين.
قال: وروى بعض الشاميين حديثًا ليس مما يثبته أهل الحديث في أن بعض رجاله مجهولون يعني حديث إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل بن مسلم الخولاني، عن أبي أمامة ثم ذكر حديث مجاهد الذي ذكرناه، وقال: فاستدللنا بما وصفت من عامة نقل أهل المغازي على أن المواريث ناسخة للوصية للوالدين والزوجة، مع الخبر المنقطع وإجماع العامة على القول به.
وقد ذهب طاوس والزهري والضحاك وأبو مجلز إلى أن آية الميراث نسخت الوصية للوارثين، وأما القرابة عن الوارثين فإن الوصية ثابتة لهم واجبة، وإليه ذهب داود ومحمد بن جرير الطبري.
قال الشافعي: فلمَّا احتملت الآية ما ذهب إليه طاوس؛ وجب عندنا على أهل العلم طلب الدلالة على خلاف ما قال طاوس أو موافقته، فوجدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكم في ستة مملوكين كانوا لرجل لا مال له غيرهم فأعتقهم عند الموت، فَجَزَّأَهم عليه ثلاثة أجزاء، فأعتق اثنين، وأرق أربعة.
أخبرنا بذلك عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.