المال يأخذ منه ما يحتاج إليه، فتمكينه من الرعي وورد الماء أهون عليّ من أخذ الذهب والفضة من بيت المال.
وقوله: "وايم الله" من ألفاظ القسم وهمزتها همزة وصل.
وقوله: "إنهم ليرون أني قد ظلمتهم" بمنعهم من الرعي، ثم بيّن وجه قسمه وظلمه إياهم بقوله: "إنها لبلادهم" ثم بين سبب كونها بلادهم بقوله: "قاتلوا عليها في الجاهلية، وأسلموا عليها في الإسلام".
وقوله: "لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله" يريد به الخيل والإبل التي يحمل عليها المجاهدين في سبيل الله، والنفقة التي يساعدهم بها، والزاد ونحو ذلك.
وهذا الحديث أخرجه الشافعي مستدلًّا به على جواز أن يحمي الإمام للمسلمين، فإنه قال عقيب حديث الصعب بن جثامة: وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا حمى إلا لله ولرسوله" يحتمل أن لا يكون لأحد أن يحمي للمسلمين غير ما حماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويحتمل أن لا حمى إلا لله ولرسوله أي إلا على مثل ما حمى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لما فيه من صلاح المسلمين، ثم قال: وقد حمى من حمى على هذا المعنى، وأمر أن يدخل الحمى ماشية من ضعف عن النجعة ممن حول الحمى، وقد حمى بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر -رضي الله عنه- أرضًا لم يُعلَم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حماها، وأمر فيها بنحوٍ مما وصفت، ثم ذكر حديث عمر هذا، ثم قال: في معنى قول عمر: "إنهم يرون أني قد ظلمتهم" إنهم يقولون: إن منعت لأحدٍ من أحد فمن قاتل عليها وأسلم أولى أن يُمنع له، وهذا كما قالوا لو كانت تُمنع لخاصة، فلما كانت لعامة لم يكن في هذا -إن شاء الله- مظلمة، ولم يظلمهم عمر -رضي الله عنه- وإن رأوا ذلك، بل حمى على معنى ما حمى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون أهل الغنى، وإنما نسب الحمى إلى المال الذي يحمل عليه في سبيل الله لأنه كما من أكثر ما عنده مما يحتاج إلى الحمى،