وقوله: "وإياك ونعم ابن عفان ونعم ابن عوف" أي دعني من نعمهما لأنها كانت كثيرة وكانا غنيين، وفي رواية مالك: "إياي" أي دعها والْه عنها ولتكن همتك مصروفة إلى غيرها.
وهذه "إياي" و"إياك" في هذا الموضع وأمثاله موضوعة للتحذير، مثل إليك زيدًا وعليك زيدًا أي احذره ودعه، وليست مثل الضمير المنصوب في {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (?) وإياك أردت.
ويجوز أن يكون تقديره: دعنى ونعمهما أي اتركني واترك نعمهما ورد أمرهما إليّ، فأنا أتولى الجواب عنها أو أنا أكفيكها، والأول الوجه.
وقوله: "يرجعان" فيه نظر لأنها جواب الشرط الذي هو "إن تهلك ماشيتهما" ومن حق الجواب أن يكون مجزومًا، وجزمه بحذف النون، وإنما جاءت في المسند مثبتة، وهو خطأ، ولاشك أنه من النساخ، والذي جاء في كتاب "الموطأ" بحذفها، وهو الصواب.
وقوله: "إلى نخل وزرع" أي إن هلكت ماشيتهما فإن لهما غير الماشية من نخل وزرع [ما] (?) يغنيهما ويقوم بأمرهما.
وقوله: "لا أبا لك" من ألفاظ الدعاء التي كثر استعمالها وجريانها على عادة، وهم لا يريدون بها الدعاء، كقولهم قاتلهم الله، ولا أم لك، وهي في الحقيقة دعاء عليه يعدم أبيه.
"والكلأ": العشب وسواء رطبه ويابسه.
وقوله: "فالماء والكلأ أهْون عليّ من الدنانير والدراهم" يريد أن المراعي إذا لم ينلها رب الصريمة ورب الغنيمة فهلكت ماشيته؛ احتاج أن يجيء إلى بيت