أبيه، عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يوشك أن تمطر المدينة مطرًا لا يكن أهلها البيوت، ولا يكنهم إلا مظال الشعر".

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- قال: أخبرني من لا أتهم قال: أخبرني صفوان بن سليم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يصيب أهل المدينة مطر لا يكن أهلها بيت من مدر".

"أوشك يوشِك" -بكسر الشين- إيشاكًا: أسرع في الأمر، ومنه قولك: يوشك أن يكون كذا، والعامة تفتح شينه، قال الجوهري: وهي لغة رديئة.

"والكن": ما واراك من بيوت، وسترك من شجر أو ظله ونحو ذلك، والجمع: الأكنان، والأكنة الأغطية واحدها كنان تقول: كننت الشيء أكنه سترته وأكننته، أكنه في نفسي أخفيه، وقيل: كننت وأكننت سواء في الكن.

"والمَظالّ" -بفتح الميم وتشديد اللام- جمع مظلة -بكسر الميم- وهي البيت الكبير من الشعر، ولو قيل: إنه جمع مظل أو مظلة -بفتح الميم- جاز وهي موضع الظل، والأول الوجه؛ لأن لفظ الحديث نص عليه بقوله: "مظال الشعر".

"والمدر": جمع مدرة وهي طين مستحجر، هذا هو الأول ثم قيل للبيت المبني به: مدرة ومدر، والعرب تسمى القرية مدرة، ولهذا يقولون: أهل المدر وأهل الوبر، فأهل المدر أهل القرى والبنيان، وأهل الوبر أهل المضارب والأخبية.

وإنما قال: "لا تكنهم البيوت ويكنهم مظال الشعر"؛ لأن بيوتهم يومئذٍ كانت مبنية بالطين، وإذا كثرت الأمطار وتوالت عليها هدمتها، وإن كفتها فجرت الأمطار عليهم من سقوفها فلا تكنهم من المطر، فالأخبية المتخذة من الشعر فإذا [كانت] (?) محكمة مطينة ثابتة الأوتاد، فإنها تثبت تحت المطر الدائم الدافق ولا تكف، وهذا ظاهر مشاهد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015