وصححه والحاكم والبيهقي من حديث حرام بن محيصة أن ناقة البراء بن عازب دخلت حائطا فأفسدت فيه فقضى نبي الله صلى الله عليه وسلم أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها وقد ذكر ابن حجر الاختلاف الواقع في هذا الحديث وهو لا يقدح في الاحتجاج به لأن غايته أنه روي من طرق وذلك مما يزيده قوة فلا ضمان على أهل المواشي فيما أفسدت نهارا ويؤيد هذا حديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: "العجماء جرحها جبار"، ويلحق بالجرح سائر ما أفسدت لعدم الفارق ويخص من ذلك ما تقدم في الحديث أن ما أفسدت المواشي بالليل فهو ضامن على أهلها فبقي ما أفسدت في النهار داخلا تحت العموم ويخص أيضا ما أخرجه الدارقطني والبيهقي عن النعمان بن بشير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وقف دابة في سبيل من سبل المسلمين أو في سوق من أسواقهم فأوطأت بيد أو رجل فهو ضامن"، ولكنه ضعفه البيهقي فينظر في وجه التضعيف.

وهذا الحديث هو الوجه لقول المصنف: "فأما رفسها فعلى السائق والقائد والراكب مطلقا" وأما التعرض لذكر الكفارة هنا فلا وجه له فإنه سيأتي له الكلام في ذلك مفصلا.

وأما قوله: "فإن اتفقوا كفر الراكب" فكلام لا يصح وفرق غير متضح فإنه إذا كان الركوب مؤثرا للزوم الكفارة عليه وحده كان مؤثرا للزوم أرش الجناية له لعدم الفرق ودعوى اتصافه بالمباشرة دون السائق والقائد غير معقولة بل تأثير السوق والقود في حركة الدابة أكثر من تأثير الركوب.

وأما قوله: "فأما بولها" إلخ فوجهه عدم التعدي من مالكها فلم يحصل الضمان مع كون هذه الأمور داخلة تحت عموم حديث العجماء جبار فإن المراد بالجبار الهدر كما فسره بذلك أهل اللغة.

وأما نفجها وكبحها أو نخسها فإن لم يفعل إلا ما يعتاده الناس في ذلك فلا ضمان عليه لأنه فعل في ملكه ما أباحه له الشرع وإن فعل غير المعتاد كان بذلك متعديا فيلزم الضمان ولا سيما إذا كان في سبيل من سبل المسلمين وفي سوق من أسواقهم كما تقدم في الحديث.

[فصل

والكفارة على بالغ عاقل مسلم قتل أو نائما مسلما أو معاهدا غير جنين خطأ مباشرة أو في حكمها أن يكفر برقبة مكلفة مؤمنة سليمة ولو قبل الموت بعد الجرح فإن لم يجد أو كان عبدا فيصوم شهرين ولاء وتعدد على جماعة لا الدية] .

قوله: "فصل: والكفارة على بالغ عاقل" الخ.

أقول: اعلم أن إيجاب الكفارة في هذا الباب وفي غيره تكفير ذنب من وجبت عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015