أما ملك الغير فوجه التعدي فيه واضح وأما في الحق العام فلكونه لا يجوز له ذلك إلا بإذن من له ذلك إن كانوا منحصرين أو بإذن الإمام إن كانوا غير منحصرين.
وأما قوله: "من حجر" إلخ فالظاهر لزوم الضمان فيما كان من الجنايات ناسيا من أثر فعله من غير فرق بين الانتقال وعدمه إلا إذا رجع مثلا العقرب والعقور إلى المحل الذي أخذه منه وجنى بعد ذلك فإن الجناية حينئذ ليست من أثر فعل الناقل.
وهكذا قوله: "ومنه ظاهر الميزاب" فإنه من جناية الخطأ تسبيبا لأنه إذا سقط على مارة الطريق فهو لعدم إحكامه ولا وجه للتقييد بالظاهر بل يضمن جنايتهما جميعا إذا سقط وأما إذا وقعت الجناية وهو ثابت في محله ولم يحصل التعدي بوضعه فلا ضمان من غير فرق بين الظاهر وبين ما هو ملصق بالبناء.
قوله: "وعلى آمر المحجور" الخ.
أقول: قد تقرر أن جناية الصبي والمجنون مضمونة من مالهما لأن ذلك من أحكام الوضع لا من أحكام التكليف وقد تقدم له أنه يضمن آمر الضعيف قويا من غير فرق بين المحجور وغيره ويكون قرار الضمان مع الجهل من المحجور ومن غيره على الآمر لأنه حصل منه التغرير والمغرور. يغرم الغار
وأما قوله: "وجناية المائل إلى غير الملك" إلخ فوجهه أن ترك إصلاحه مع كونه يخشى سقوطه إلى غير ملكه هو من التعدي في الأسباب وقد تقدم أنه هو الموجب للضمان ولا يتم التعدي إلا إذا كان قادرا على الإصلاح فإن كان لا يقدر عليه وأمكنه الهدم أو البيع إلى غيره ولم يفعل فهو أيضا ضامن وإن لم يتمكن بوجه من الوجوه فلا ضمان عليه.
وأما قوله: "وهي على عاقلة المالك العالم" فلا وجه لذكره هنا لأنه سيأتي الكلام له في ضمان العاقلة لما يشمل هذا أو غيره.
ومن الأسباب أيضا قوله وشبكة نصبت في غير الملك إلخ وهذا وإن كان قد أفاده ما تقدم في أول هذا الفصل من قوله من حجر إلخ لكن مقصود المصنف مزيد الإيضاح بتعداد الصور كما قدمنا.
وهكذا قوله: "ووضع صبي" إلخ لظهور التعدي الذي هو المناط في ضمان فاعل السبب.
وأما الإفزاع فإن كان بصوت أو نحوه من المباشرة لا من التسبيب كالتأديب والضم الذي لم تجر به عادة.
ومن الأسباب جناية دابة طردت في حق عام أو في ملك الغير لأنه بهذا الطرد إلى مكان لا يجوز له التصرف فيه مستقلا بنفسه قد صار متعديا فلزمه الضمان وقد سوى المصنف بين الطرد والتفريط في الحفظ وهو صواب لكن ينبغي تقييد ذلك بأن يكون طردها أو التفريط في حفظها كائنا في الليل لما أخرجه أحمد "5/435، 436"، وأبو داود "3570"، والنسائي "5784/1"، وابن ماجه "2332"،، ومالك في الموطأ والشافعي والدارقطني وابن حبان