أن الخيار إلى المجني عليه بقلع عين أو نحوها مما يجب فيه القصاص وأيضا هو مصرح بهذا في حديث أبي شريح الخزاعي المتقدم فإنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أصيب بدم أو خبل والخبل الجراح فهو بالخيار بين إحدى ثلاث"، الحديث.

وأما قوله: "وفي الأيمن الأيمن" إلخ فظاهر وهو مدلول عليه من معنى القصاص وهكذا قوله ولا يؤخذ ما تحت الأنملة بها لأنه أخذ غير ما وجب فيه القصاص.

وأما قوله: "ولا ذكر صحيح بعنين" ففيه نظر لأنه عضو كالعضو لو كان زيادة أحدهما على الآخر بوصف من الأوصاف مسقطا للقصاص لكان تفاوت الأوصاف مسقطا للقصاص ولكان تفاوت الأوصاف كمالا ونقصا موجبا لسقوط القصاص في الأنفس واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله فالعنين قد قطع منه عضو فله أن يطالب الجاني عليه قصاصا وهكذا من بصره ضعيف له أن يطالب بالقصاص ممن بصره صحيح عملا بما أطلقته الأدلة ما لم يذهب نورها بالمرة فإنه سيأتي "أنه صلى الله عليه وسلم قضى في العين العوراء السادة لمكانها إذا طمست بثلث ديتها وفي اليد الشلاء إذا قطعت بثلث ديتها وفي السن السوداء إذا نزعت بثلث ديتها"، أخرجه النسائي "484"، وغيره أبو داود "4567"، ويمكن إلحاق ذكر العين باليد الشلاء والعين العوراء السادة لمكانها وسيأتي الكلام في تفاوت ديات مثل هذه الأشياء وأروشها ولعلنا نتكلم هنالك إن شاء الله بما فيه مزيد إيضاح.

قوله: "فإن خولف جاز الاستئناف".

أقول: كل واحد منهما قد جنة على الآخر عمدا جناية توجب القصاص فالخيار في الاقتصاص أو التعافي إليهما ولذا قال المصنف جاز الاستئناف

وأما قوله: "قيل: ولمن هشم أن يوضح وأرش الهشم" فلا وجه له لأن الذي أثبته الشرع للمجني عليه هو القصاص أو الأرش فليس له أن يجمع بينهما ولو جاز ذلك لما كان خاصا بهذه الجناية بل كان يلزم في كل جناية بعضها معلوم القدر مأمون التعدي أن يقتص ويأخذ أرش ما زاد.

قوله: "ولاشيء فيمن مات بحد أو تعزير أو قصاص".

أقول: الوجه في هذا واضح لأن الله سبحانه شرع هذا سوغ لعباده استيفاءه فإذا أفضى إلى الموت مع الاقتصار على ما شرعه الله سبحانه لم يكن في ذلك ضمان لأنه مات بشرع وجب عليه فهو قتيل الشرع وأما ما ثبت في الصحيحين [البخاري "12/66"، مسلم "39/1707"] ، عن علي قال ما كنت لأقيم حدا على أحد فيموت وأجد في نفسي منه شيئا إلا صاحب الخمر فإنه لو مات وديته وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنه فهو رضي الله عنه أخبر عما يجده في نفسه تورعا منه وقد تقدم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سنه على الصفة التي ذكرناها هنالك.

وأما قوله: "ولا قصاص في الفقء" فوجهه أن المصنف قال فيما سبق معلوم القدر مأمون التعدي فإذا كان الفقء غير معلوم القدر أو غير مأمون التعدي كان ذلك عذرا في ترك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015