وأما قوله: "وعلى كل منهم دية كاملة إن طلبت" فوجهه أن كل واحد منهم كأنه مستقل بقتل ذلك ذلك القتيل ولهذا ثبت عليه القصاص فإن كانت الدية عوضا عن دم المقتول فالأمر هكذا وإن كانت عوضا عن دم القاتل فقد صار كل واحد منهم مستحقا للقتل.

وأما هذه التفاصيل التي ذكرها المصنف هنا إلى آخر الفصل فكلها معقولة حسنة فلا نطيل الكلام عليها.

[فصل

وما على قاتل جماعة إلا القتل ويحفظ نفسه حتى يجتمعوا لا قالع أعينهم فالقصاص وديات الباقيات وفي الأيمن الأيمن ونحو ذلك ولو زاد أحدهما أو نقص فإن تعذر فالدية ولا يؤخذ ما تحت الأنملة بها ولا ذكر صحيح بعنين أو خصي فإن خولف جاز الاستئناف قيل ولمن هشم أن يوضح وأرش الهشم ولا شيء فيمن مات بحد أو تعزير أو قصاص ولا قصاص في الفقء ويقدم قصاص الأطراف على القتل وينتظر فيها البرء ومن اقتص فتعذر على غيره استيفاء حقه أثم وللآخر الدية من الجاني إلا الشريك فمن المقتص] .

قوله: "فصل: وما على قاتل الجماعة إلا القتل".

أقول: قد تقدم حديث: "من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يفتدي وإما أن يقتل"، وهو في الصحيحين [البخاري "112"، مسلم "447، 1355"] ، وغيرهما وفي حديث آخر عند أحمد "4/31"، وأبي داود "4496"، وابن ماجه "2623"، "فهو بالخيار بين إحدى ثلاث إما أن يقتص أو يأخذا العقل أو يعفو فإن أراد رابعة خذوا علي يديه" وفي هذا دلالة على أن الخيار إلى أولياء المقتولين فإن طلبوا القصاص فليس على القاتل إلا تسليم نفسه إليهم ولا يجب عليه غير ذلك وإن طلبوا الديات وجب عليه تسليمها من ماله إن كان له مال.

ومما يؤيد هذا قوله عزوجل: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [البقرة: 178] ، إلى أن قال: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} والعفو هو قبول الدية فعرفت أن قول المصنف وما على قاتل جماعة إلا القتل مبني على أنهم طلبوا القصاص.

قوله: "لا قالع أعينهم فالقصاص" الخ.

أقول: إن اجتمعوا على طلب القصاص فليس لهم إلا قلع عينه وإن طلبوا ديات ما قلعه من الأعين كان لهم ذلك من ماله إن كان له مال وليس له أن يقول لا أعطيكم إلا بالقصاص لما قدمنا من الأدلة على أن التخيير إلى ورثة المقتول ويستفاد منه بفحوى الخطاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015