قوله: "ولا يقطع والد لولده وإن سفل".
أقول: لا شك أن حديث: "أنت ومالك لأبيك"، يكون شبهة أقل أحواله وهو حديث تقوم به الحجة وقد عضده حديث: "كلوا من كسب أولادكم"، وقد قدمنا الكلام على الحديثين جميعا.
وأما الولد إذا سرق مال والده فلا شبهة له وهو مشمول بالأدلة الموجبة للحد على السارق ومن قال إن في قطعه قطع رحم أمر الله بعلتها فقد أسرف في الغفلة فإنه أوجب هذا الشرع الثابت بالكتاب والسنة وبإجماع المسلمين وليست صلة الرحم بإسقاط ما أوجبه الله وجعله شرعا لعباده ولو كان هذا صحيحا لم يثبت على قريب لقريبه حق لا في نفس ولا مال واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله.
وأما كونه لا يقطع عبد لسيده فوجهه ظاهر ولا سيما عند من يقول إن العبد لا يملك.
وأما قوله: "وكذا الزوجة" فلا وجه له إلا على ما قدمنا من الكلام على قوله وما أذن السارق بدخوله وأما الشريك لشريكه فهو في غاية الظهور إذا كان المال المسروق مشتركا بينهما وهكذا عبيد الشريكين لأنهم سرقوا مال سيدهم وقد أغنى عن ذكر هذا ما تقدم من قوله: ولا عبد لسيده فإن كل واحد من عبدي الشريكين سرقا مالا بعضه لسيده فكان هذا البعض شبهة في الباقي.
[فصل
والمحارب وهو من أخاف السبيل في غير المصر لأخذ المال يعزره الإمام أو ينفيه بالطرد ما لم يكن قد أحدث وإلا قطع يده ورجله من خلاف لأخذ نصاب السرقة وضرب عنقه وصلبه للقتل وقاص وأرش للجرح فإن جمعها قتل وصلب فقط ويقبل من وصله تائبا قبل الظفر به وتسقط عنه الحدود وما قد أتلف ولو قتلا لا بعده فلا عفو ويخير في المراسل] .
قوله: "فصل: والمحارب هو من أخاف السبيل". الخ.
أقول: هذا الحد من جملة ما شرعه الله من الحدود بين عباده وجاء في كلامه بالصيغة المنادية بالعموم بأعلى صوت وأوضح دلالة فهي من هذه الحيثية شرع عام لجميع الأمة أولهم وأخرهم أسودهم وأبيضهم وكون سبب نزولها في المشركين الذين أخذوا لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم لما شكوا إليه وباء المدينة فأمرهم بالخروج إلى حيث كانت إبله ليشربوا من ألبانها وأبوالها حتى يصحوا فقتلوا راعيها وساقوها لا يدل على اختصاص هذا الحد بهم فإن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو مقرر في الأصول لا يخالف فيه أحد من الأئمة الفحول على أن