ويمكن الجمع على تسليم انتهاض الحديث بأن اليوم الثالث وإن كان من أيام الضيافة لكنه ربما يصحبه الرياء والسمعة فيكون الاقتصار على اليومين أولى وربما لا يصحبه فيكون الثلاثة الأيام أولى لقوله صلى الله عليه وسلم: "والضيافة ثلاثة أيام".
قوله: "ولا منكر".
أقول: وجهه أن الضيافة التي شرعها الشارع من وليمة أو غيرها ليس المراد بها إلا ما كانت واقعة على وجه الشرع خالية عن معاصي الله فإن كانت على غير الصفة الشرعية فليست الضيافة ولا الوليمة التي ندب الشارع إليها وتوعد من لم يجب إليها فإنه عصى الله ورسوله كما صح ذلك عنه صلى الله عليه وسلم.
وإذا عرفت هذا فلا حاجة إلى الاستدلال على اشتراط عدم وجود المنكر في مشروعية الحضور والإجابة ولا سيما إذا كان التبرع بالاستدلال على ذلك لا يسمن ولايغني من جوع.
قوله: "وإجابة المسلم".
أقول: قد اجتمع في إجابة دعوة العرس الأمر والوعيد وكل ذلك ثابت في الصحيح أما الأمر فقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها"، وأما الوعيد فلوصفه صلى الله عليه وسلم: "من لم يجب فقد عصى الله ورسوله".
وأما قوله والأول فبذلك وردت السنة وكذلك تقديم الأقرب جوارا هو الأقرب بابا وأما تقديم الأقرب نسبا فلم يرد ما دل عليه على الخصوص ودعوى تقديمه على الجار مخالفة لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا اجتمع داعيان فأجب أقربهما إليك بابا فإن أقربهما إليك بابا أقربهما جوارا وإن سبق أحدهما فأجب الذي سبق"، [أحمد "5/408"، أبو داود "3756"] ، فإنه لا يعارض هذا الخاص الاستدلال بمثل قوله تعالى: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75] ، فإنه على تقدير عموم هذه الأولوية وتناولها لما نحن بصدده هي مخصصة بهذا الحديث وهو صالح للاحتجاج به وقد عرفت أن دلالة العموم ظنية لا سيما إذا كان شمولها للمتنازع فيه بعيدا جدا كما هنا.
قوله: "وفي الأكل سننه العشر".
أقول: وقد ذكر المصنف في شرحه هذه العشر وأكثرها لا دليل عليه قط وقد ثبت في السنة المطهرة ما يغني عن اختراع السنن بمجرد الرأي وهي إذا تتبعت كانت أكثر من عشر وفي أدلة بعضها ما يدل على وجوب فعله وهكذا آداب الشرب وتعداد جميع ذلك ها هنا يحتاج إلى بسط وليس المراد لنا في هذه التعليقة على هذا الكتاب إلا بيان ما هو صواب من مسائله أو أخطأ وكذلك الإشارة إلى دفع ما اعترض به عليه إذا كان الاعتراض على خلاف الصواب كما قدمنا الإشارة إلى ذلك في الخطبة.
وأعلم أن مكروهات الأكل والشرب هي ما كانت على خلاف ما علمنا الشارع من آدابهما