يأكلوا, ولا دليل في هذا على الكراهة لأن إمساك النبي صلى الله عليه وسلم يمكن أن يكون لسبب من الأسباب كعدم الإلف لأكلها أو عدم انبعاث الشهية إليها.
ومثل هذا الحديث من الدلالة على الحل وعدم الكراهة ما أخرجه أحمد "3/471"، وأبو داود "2822"، والنسائي 7/197"، والترمذي "1472"، وابن ماجه "3175"، 3244"، وابن حبان والحاكم من حديث محمد بن صفوان أنه صاد أرنبين فذبحهما بمروتين فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بأكلهما.
وكذلك ما في الصحيحين وغيرهما من حديث أنس قال أنفجنا أرنبا بمر الظهران فسعى القوم فلغبوا وأدركتها وأخذتها فأتيت بها أبا طلحة فذبحها وبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوركها وفخذها فقبله قال ابن حجر في الفتح: والقول بحل الأرنب هو قول العلماء كافة إلا ما جاء في كراهتها عن عبد الله بن عمرو بن العاص من الصحابة وعن عكرمة من التابعين وعن محمد بن أبي ليلى من الفقهاء واحتجوا بحديث خزيمة بن جزء قال: قلت: يا رسول الله ما تقول في الأرنب؟ قال: "لا آكله ولا أحرمه" قلت: ولم يا رسول الله؟ قال: "نبئت أنها تدمى" قال ابن حجر: وسنده ضعيف ولو صح لم يكن فيه دلالة على الكراهة.
[فصل
ويحرم كل مائع وقعت فيه نجاسته لا جامد إلا ما باشرته والمسكر وإن قل إلا لعطش متلف أو إكراه والتداوي بالنجس وتمكينه غير المكلف وبيعه والانتفاع به إلا في الاستهلاك واستعمال آنية الذهب والفضة والمذهبة والمفضضة ونحوها وآلة الحرير إلا للنساء ويجوز ما عدا ذلك والتجمل بها]
قوله: فصل: "ويحرم كل مائع وقعت فيه نجاسة لا جامد إلا ما باشرته".
أقول: استدلوا على هذا بما أخرجه البخاري وغيره من حديث ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة وقعت في سمن فماتت فقال: "ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم" وفي لفظ من هذا الحديث لأبي داود "3843"، والنسائي "4260"، أنه صلى الله عليه وسلم عن الفأرة تقع في السمن فقال: "إن كان جامدا فألقوها وما حولها وإن كان مائعا فلا تقربوه"، وفيه التفرقة بين الجامد والمائع.
وأخرج أحمد وأبو داود "3842"، عن حديث أبي هريرة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فأرة وقعت في سمن فماتت فقال: "إن كان جامدا فخذوها وما حولها ثم كلوا ما بقي وإن