قوله: "والقنفذ".

أقول: هو من حشرات الأرض وقد أخرج أبو داود "3798"، عن ملقام بن تلب عن أبيه قال: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أسمع لحشرات الأرض تحريما, قال البيهقي وإسناده غير قوي ولكنه أخرج أحمد "2/381"، وأبو داود "3799"، من حديث أبي عيسى ابن نميلة الفزاري عن أبيه قال كنت عند ابن عمر فسئل عن أكل القنفذ فتلا هذه الآية: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً} [الأنعام: 145] ، الآية فقال: شيخ عنده سمعت أبا هريرة يقول: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "خبيثة من الخبائث"، فقال ابن عمر إن كان قال رسول الله هذا فهو كما قال قال الخطابي ليس إسناده بذاك وقال البيهقي إسناده غير قوي ورواية شيخ مجهول وقال ابن حجر في بلوغ المرام إسناده ضعيف فعلى هذا لا تقوم به الحجة في تحريم القنفذ ولا في كراهته وأما إسحاق بن نميلة فقد ذكره ابن حبان في الثقات.

والحاصل أن القول بكراهته فقط غير صواب لأنه إن كان الدليل على ذلك حديث أبي عيسى بن نميلة فهو يدل على التحريم وإن كان الدليل على ذلك غيره فما هو والأصل الحل بدليل الكتاب العزيز كما قدمنا الإشارة إلى ذلك ومما يدل على هذه الأصالة ما أخرجه الترمذي وابن ماجة من حديث سلمان الفارسي قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء فقال: "الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفا لكم عنه"، وأخرجه أيضا الحاكم في المستدرك.

وأخرج البزار وقال سنده صالح والحاكم صححه من حديث أبي الدرداء رفعه بلفظ: "ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى شيئا"، وتلا: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} [مريم: 64] .

وأخرج الدارقطني من حديث أبي ثعلبة رفعه إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها.

وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته"، وفي الصحيحين [البخاري "البخاري "6858"، مسلم "1337"، أيضا من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"، وفي الباب أحاديث شاهدة لثبوت أصالة الحل في كل شيء ما لم ينقل عنه ناقل تقوم به الحجة.

قوله: "والأرانب".

أقول: استدلوا على الكراهة بما أخرجه وأحمد والنسائي بإسناد رجال ثقات من حديث أبي هريرة قال جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأرنب فلم يأكل وأمر أصحابه أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015