ادعى غير ذلك فهو مدع لخلاف الظاهر فإن جاء ببرهان يقتضي صحة دعواه فذاك وإلا فلا قبول لمجرد دعواه.
وأما قوله: "وفي الإنفاق" فكذلك أيضا لأن الله سبحانه قد جعل الأمر في أموال اليتامى مناطا بالأولياء فلا وجه لعدم قبول قولهم فيما أنفقوه عليهم لأنهم باشروا ما باشروه منها بأمر الله عز وجل والمفروض أنهم من أهل الأمانة ومن المتصرفين بالعدل أما إذا تقرر أنهم من أهل الخيانة ومن المتصرفين بالجور منهم لم لا يتوقفوا على ما أمرهم الله به فيضمنون ما تصرفوا فيه بغير ما أمر الله به.
وأما قوله: "في التسليم" فلا بد من تقييد ذلك بأمرين.
الأول: أن يكون اليتيم ونحوه حال النزاع قد بلغ سن الرشد لقوله عز وجل: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6] ، فلو لم يكن قد بلغ تلك السن كان الولي متعديا بتسليم المال إليه ومع كونه مخالفا لما أمر الله به لا يكون القول قوله لأن الولاية الشرعية تقتضي أن لا يدفع إليه ماله إلا مع إيناس الرشد فدعواه أنه دفعه إليه قبلها يوجب بطلان ولايته والقدح في عدالته وهو لم يقبل قوله إلا لمجموع الولاية والعدالة.
الأمر الثاني: أن يشهد على تسليم ماله إليه كما أمره الله سبحانه بقوله: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 6] ، فإذا لم يشهد فقد أخل بواجب عليه فعليه أن يأتي بما يصدق قوله أو يصحح دعواه.
وأما قوله: "ولا الشراء من وارث مستغرق باع لا للقضاء" فإن فعل ذلك عمدا بعد عمله باستغراق التركة بالدين وأن البائع باع لهما للقضاء فهذه خيانة منه فلا ينفذ تصرفه وإن فعل ذلك جأهلا فولايته باقية وعليه الإستدراك بحسب الإمكان فإن تعذر ذلك فلا ضمان عليه لأنه قد فعل ما يظنه صلاحا وهو أمين ولم يحسن ولا فرط وسواء وقع الإيفاء أو الإبراء أو لم يقع واحدا منهما.
قوله: "وبيع كل ذي نفع حلال جائز".
أقول: قد أراد المصنف بهذا الإشارة إلي ما هو جائز للبيع وإلي ما لا يجوز بيعه فكل ما كان يتعلق به منفعة يحلها الشرع فبيعه جائز وكل ما كان لا منفعة له أصلا وكانت تلك المنفعة غير جائزة فبيعه غير جائز لأن الوسيلة إلي الحرام حرام ولكن لا بد أن يكون النفع في ذلك الشيء لا يكون في حرام على كل حال أما لو كان مما يمكن أن يكون نفعه حلالا في حالة وحرأما في حالة أو مما يستعمله هذا في حرام وهذا في حلال فإن علم البائع أن ذلك المشتري لا يستعمله إلا في حرام لم يحل بيعه وإن علم أنه يستعمله في حلال حل بيعه وإن بقي الأمر ملتبسا مع إمكان استعماله في الحلال والحرام جاز بيعه لأنه لم يوجد المانع من البيع ومجرد التردد مع عدم الترجيح لا اعتبار به.
فإن قلت وما الدليل الذى دل على المنع مما نفعه حرم قلت ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في