التصرفات والإقرارات والإنشاءات إلحاقا لغير هذا الفرد المنصوص عليه بعد لعدم الفارق وتقييد ما في الآية بقوله بالعدل مرشد إلي ما تقدم من قول المصنف إن فعل لمصلحة فإن إيقاع الأمر على وجه العدل هو المصلحة التي ليس وراءها مصلحة وكما ثبت في الكتاب العزيز ذكر الولي الذي يتصرف عن غيره ثبت أيضا في السنة ذكر الولي في النكاح بما صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم من قوله: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل"، [أحمد "6/47، 165"، أبو داود "2083"، ابن ماجة "1879"، الترمذي "1102"، فإن هذا ولي جعل إليه النبي صلى الله عليه وسلم عقد النكاح للمرأة وقد كان يعقد نكاح النساء في زمن النبوءة قرابتهن وكان يقدم الأقرب فالأقرب فإذا كان الأب موجودا كان ذلك إليه كما كان من أبي بكر وعمر في تزويجهما عائشة وحفصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما كان منه صلى الله عليه وسلم من تزويج بناته وهكذا كان عمل سائر الصحابة ثم إذا عدم الأب تولى ذلك الأقرب إلي المرأة فعرف بهذا أن الولي في النكاح هم القرابة مع تقديم الأقرب فالأقرب فكان ذلك كالتفسير للولي المذكور في الآية فيلي أمر الصغير ونحوه أبوه فإن عدم الأب فالأقرب فالأقرب ممن له عليه مزيد حنو ورأفة فإن ذلك أقرب إلي رعاية مصلحته وعلى كل حال فعليه أن يتحرى العدل كما ذكره الله سبحانه في تلك الآية هذا إذا أردنا معرفة الولي شرعا فإن ما ذكرناه يدل عليه ومعلوم أن الأب هو الأقرب والأكثر حنوا ورأفة ويليه الجد فإنه كالأب في مزيد حنوه ورأفته على ابن ابنه وقد يزيد على الأب في ذلك ثم الإخوة والأعمام ثم الأقرب فالأقرب فمهما وجدت القرابة كانت صالحة لجعلها مناطا لثبوت كون صاحبها وليا مع عدم وجود من هو أقرب منه ومما يقوي ما ذكرناه قول الله عز وجل: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال 75] ، فهذه الآية أثبتت بعمومها الأولوية بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ولو رجعنا إلي اللغة لدلت على ما ذكرناه فإن الولي القريب والولي القرب والدنو وقد ذكر أهل اللغة للولي غير هذا المعنى ولكنه لا يناسب المقام وإذا تقرر لك هذا فأعلم أنه لا وجه لإثبات الولاية لوصي الأب ووصي الجد أصلا لأن الموصي إليهما قد انقطعت ولايته بموته مع كون الحنو والرأفة اللذين هما سبب جعل الولي وليا معدومين فيهما وأما الإمام والحاكم فلهما ولاية عامة تشمل هذه الولاية فمن هذه الجهة العامة لهما ولاية وأما مع وجود الولي الخاص فهو أقدم منهما ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذى قدمناه في النكاح: "فإن اشتجر الأولياء فالسلطان ولي من لا ولي له"، فجعل ثبوت ولايته في النكاح مشروطة بأشتجار الأولياء فأفاد ذلك أنه لا ولاية للإمام والحاكم مع وجود الأولياء إذا لم يشتجروا.

قوله: "والقول له في مصلحة الشراء وبيع سريع الفساد والمنقول".

أقول: قد قررنا أن لمن كان وليا على الصفة التى حررناها ولاية شرعية وموجب هذه الولاية أن يكون القول قوله في ذلك لأنه متصرف بأمر الشرع ومأمور بالعدل فلو عاد خصما مخاصما وكلف البينة على تصرفاته لكان ذلك مخالفا للولاية الشرعية وأما ما قيل من أن الأصل في الأولياء عدم الصلاح فمجرد رأى بحت بل الأصل فيهم الصلاح وفي تصرفاتهم الصحة ومن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015