القطان وأخرجه أيضا الترمذي ["2810"] ، وصححه وابن ماجه ["3567"] ، من حديث سمرة.
وأما عدد الأكفان فلم يرد في ذلك شيء يعتمد عليه إلا ما ثبت في الصحيحين [البخاري "1264"، مسلم "45/941"] ، وغيرهما [أبو دأود "3151"، الترمذي "996"، النسائي "4/35"، ابن ماجة "1469"] ، من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة ولم يثبت في تكفينه صلى الله عليه وسلم ما يخالف هذا وكل ما روي في ذلك فهو لا يصلح للمعارضة هذا مع كونه في نفسه غير صحيح لا يحل العمل به فضلا عن أن يعارض ما في الصحيحين وغيرهما ولكن هذا إنما هو فعل من حضر من الصحابة ولا تقوم به الحجة وقد قيل إن وجه الاستدلال به أن الله سبحانه لم يكن يختار لنبيه صلى الله عليه وسلم إلا الأفضل ولا يخفاك أن هذا التوجيه لا تقوم به الحجة ولو سلمنا ذلك لكان أفضل الأكفان ثلاثة دروج فلا يصح قول المصنف والمشروع إلي سبعة وترا وقد اقتدى أبو بكر الصديق بكفن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوصى أن يكفن في ثلاثة أثواب كما في البخاري ["1387"] وغيره.
قوله: "ويجب ما زاد من الثلث وإلا أثم الورثة وملكوه".
أقول: الذي أوصى بأن يكفن في زيادة على سبعة أكفان فقد أوصى بما نهى عنه صلى الله عليه وسلم من إضاعة المال وهذا إضاعة للمال بلا شك ولا شبهة فهو وصية بمحظور لا يجوز تنفيذها وإنما قلنا إنه إضاعة للمال لأنه لا ينتفع به الميت وإن كفن بألف كفن لأن ذلك يصير ترابا عن قريب ومعلوم أنه إذا كان صحيح العقل لا يقصد التزين بذلك بين أهل البرزخ فقد صاروا جميعا في شغل شاغل عن ذلك فالصواب أنه يأثم الوصي والوارث بامتثال هذه الوصية لا بردها والله سبحانه إنما جعل للميت ثلث ماله ليجعله زيادة
في حسناته ويتقرب به إلي الله سبحانه لا ليضعه في موضع الإضاعة ويخالف به ما شرعه الله لعباده من عدم إضاعة المال.
قوله: "ويلزم الزوج" الخ.
أقول: يدل على هذا حديث عائشة الذي تقدم أنه قال لها صلى الله عليه وسلم: "لو مت قبلي لغسلتك" وكفنتك وقد كان الزوج في أيام النبوة وما بعدها يكفن زوجته ولم يسمع عن أحد منهم أنه قال قد انقطع النكاح وذهب موجب حسن العشرة كما يقول الجامدون على الرأي.
وأما الفقير الذي ينفقه في حياته قريبه فهذا من تمام البر والصلة بل من أعظمها فإن أبي لم يجبر على ذلك لعدم الدليل.
وأما قوله: "ثم بيت المال" فصواب فإن هذا هو بيتا مال المسلمين الموضوع لمصالحهم وقد ثبت بالدليل أن تكفين الميت واجب والإمام وبيت مال المسلمين أولى بذلك ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه: "أنا أولى بالمسلمين من أنفسهم فمن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلى ومن ترك مالا فلورثته"، [مسلم "43/867، 44/867"،ابن ماجة "45"، النسائي "3/188"] .
وأما قوله: "ثم المسلمين" أيضا صواب لأن تكفين الميت إذا كان واجبا عليهم حرم عليهم أن يدفنوه بغير كفن لأنهم بذلك يخلون بالواجب المتعلق بهم.